البحوث

  • المجتمع

الثلاثاء، 25 فبراير 2025

أبومرتضى،،، أي لوعةٍ تركت ؟!

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

بقلوب موجوعة صبّحنا يوم الثلاثاء 26 من شعبان 1446 هجرية خبر رحيل الأخ العزيز الوفي المعلم المؤمن
 أ. حسين معتوق الجمعان أبومرتضى 

وأنّا للكلمات الملتهبة بالألم أن تلملم الذكريات الجميلة وصدى صوتك يدوّي نشيد عشق وحبٍ لسادتك الأطهار وبسمتك العذبة باقات تنثرها مع كل لقاءٍ في جنان مجالس آل محمد عليهم السلام.. 
 رحمك الله أيها المؤمن الصالح وحشرك مع سادتك الذين عشقتهم وذبت في حبهم وكنت متشرّفاً بخدمتهم بصوتك الولائي وروحك النقية.. عرفناك أخاً ودوداً وصولاً صادقاً ذا روحٍ بهية وبسمة مبهجة،،، 

مذ عرفناك منذ سنين طويلة أنت كما أنت رجل يحمل قلباً إيمانياً محباً للدين ولأهل العلم،،. تسارع في إبداء التقدير بهدوئك وطمأنيتك،،، وكم كنت حريصاً على حضور المجالس التي كان يلح القائمون عليها  بمشاركتنا فلا أصلها إلا وأنت متشح بوشاح عشق آل محمد عليهم السلام بالقرب من المنبر تبادر بالتحايا النقية والود الصادق،، 

ولا أنسى تواصلك الفاعل رسائلك الجميلة آخرها يوم الجمعة الماضية،، 

وهذه إحدى باقاتها العطرة [  مشكور شيخنا العزيز وربنا لا يحرمنا من وجودكم وعطائكم🌹] 

وفي عقد ولدك العزيز مرتضى جبر الله قلبه وقلب والدته وإخوانه كانت رسالتك مزدانة بكل معاني المحبة والشوق والتقدير : 

[ 🌸لطفًا وتفضلًا لا أمرًا نتشرف ونسعد ونتبارك بسماحتكم لإجراء عقد قِران ابني مرتضى يوم السبت ليلة الأحد 18/رجب 18/يناير الساعة السابعة مساءً

و سنكون موفقين وسعداء جدًا بجنابكم
ننتظر ردكم الجميل الذي يثلج صدورنا🌹 ] 

فكيف أنساك يا أبا مرتضى ومثلك فخر لأهل الإيمان والصلاح 

وكانت العادة أن نلتقي البارحة ليلة الثلاثاء 26 شعبان في أحد مجالس عشق أهل البيت عليهم السلام إلا أن المجلس اختتم موسمه واختتمت حياتك الزاهرة بحب آل محمد عليهم السلام،،،وسيبقى طيفك يتجدد كل ثلاثاء رحمك الله ورفع مقامكم عند سادتك الطاهرين 

كم هو موحش موجع ارتحال الصالحين بعد الصالحين سريعاً بعد أن حصدت الجائحة الكثير في أيامها المنحوسة وها هي طاحونة موت الفجأة تكمل مسيرة اختطاف زهرة الشباب وخيرة المؤمنين دون هوادة،،،  

نسأل الله تعالى أن يختم لنا على عشقهم وولايتهم (ع) ثابتين مقبولين عند إمامنا الحجة المنتظر أرواحنا فداه .. 

وإنا لله وإنا إليه راجعون. 

الأربعاء، 29 يناير 2025

الأنبياء أو التافهون؟! (2)

بعد أن كنا في جمال النبوة وصناعتهم للحياة والحضارة وتصدرهم للحياة الملهمة على مدى خط الزمان نقف لنرى من على هامش الحياة الأنبياء أو التافهون؟ 

┈┈•༶°•❃•°༶•┈┈•

المحور الثاني : صناعة التافهين : 

هذه أهم المزالق التي ينحدر لها التافهون ويروجونها بين المراهقين وأصحاب العواطف ،،، والحديث فيها يطول ونعنونها في ثلاثة أخطار : 

# بيع الوهم 
# تخدير العقول وتجميد المشاعر 
# عبادة الذات 

- الكلمة إحدى أهم أدوات التواصل ، وفي عصرنا أضيفت للكلمة عدة أدوات تواصلية مؤثرة منها الصورة والألوان والأدوات المستخدمة في عالم الميديا.
 
- إن انغمار الحياة العامة ولجميع الأفراد والتنافس المحموم لشركات الأجهزة الذكية جعلت من لا يستخدم هذه الأجهزة في نظر البعض متخلّف عن ركب المعاصرة للتواصل اللحظي ، والحكم عليه بأنه غير مواكب للعصر .

- وكما يقول بعض الكتّاب :   ثورة تكنولوجيا المعلومات هيَّأت ربط بقاع العالم كله، وجعلته أشبه بقرية صغيرة، وحققت للإنسانية كثيرًا من أحلامها، وقربت المجتمعات، ووضعتها في فضاء مشترك ومنصة واحدة، وسهلت بين الناس في جميع أنحاء المعمورة عمليات التواصل والاتصال المذهلة، كما طرحت أمام الإنسان آليات مبتكرة وسهلة للحصول الآني على المعلومة المنشودة في كافة التخصصات والمجالات، وأتاحت خدماتٍ عجيبة للاتصال الفعّال والوصول إلى الآخر –مهما كان مكانه- في يسرٍ دون عناء ! 

- ولما كانت وسائل التواصل الاجتماعي، أو شبكات الإعلام الاجتماعي هي بالأصل منصات برمجية لإتاحة الفرصة أمام المستخدمين ليتواصلوا فيما بينهم ويشاركوا تجاربهم، من خلال نشر وعرض معلومات، أو تعليقات، أو صور، أو مقاطع فيديو، أو أي محتوى يُراد بثه، في سهولة خرافية وغير مسبوقة، دونما قيود من الزمان أو المكان أو المسؤولية، وهي برمجيات ومواقع متاحة يمكن الوصول إليها في أي مكان من العالم وعلى مستوى الكون كله، فقد اكتسبت قدرة هائلة في التأثير على المجتمع والدولة في العالم بوجه عام، والعربي منه بوجه خاص.
 
     وما من شكٍ في أنه حين يتعاظم في تلك الشبكات الاجتماعية عنصرا التسلية والترفيه، علاوة على ما تتسم به من سعة الانتشار وسهولة الاستخدام من أي مكان وتوفر الإنترنت على مستوى الكون فقد صارت ملعبًا خطيرًا يتبارى فيه المراهقون والطائشون والمنحلون بعرض محتواهم وتجاربهم وعقائدهم وطموحاتهم وأنماط حياتهم المبتذلة دون وصاية، أو وازع من دين أو ضمير.
 
     ومع إيماننا الكامل بالدور العظيم والأهمية الكبيرة لمنصات التواصل الاجتماعي في تذليل حدود المكان والزمان، وتسهيل الاتصال بين الأفراد، والتعريف بالآخر، والمشاركة في شتى أنواع القضايا العالمية، إلا أن الصورة ليست وردية كما توقع البعض، وخطايا تلك المنصات أكبر من أن تحصى، وأخطر من أن ننظر إليها نظرة التهوين والاستخفاف؛ فقد تنامى حجم الجرائم الإلكترونية، وتنوعت كمًا وكيفًا بصورة مخيفة، ما بين جرائم أخلاقية واجتماعية وسياسية وجنسية، وبات المشهد العام قاتمًا لما تحولت تلك الشبكات منبرًا لكل من هبّ ودب، اختلط فيه الحابل بالنابل، وأصبح معظم المستخدمين يتنافسون في بث مقاطع مرئية رديئة، وملفات صوتية مبتذلة، ومعلومات سريعة سطحية، كما لا يخفى عن الجميع عن تلك المسابقات بين الجنسين والتي قد يكون الهدف الأساسي من ورائها هو المال فقط كوسيلة سريعة جدًا للحصول على المال والشهرة، كل ذلك عبر فضاء إلكتروني ورحلة افتراضية تزداد فيها سلطة الفرد خارج الأطر التقليدية، ويتعاظم فيها تحرير المرأة من القيود الاجتماعية، وتتفكك على إثرها روابط التفاعل الاجتماعي المباشر مع العائلة والأصدقاء؛ الأمر الذي أدى إلى حدوث تغييرات فارقة في تكوين الشخصية العربية على وجه الخصوص.
- إن مشكلة مجتمعاتنا العربية مع منصات التواصل الاجتماعي أننا استغللنا جانبها السلبي، ومع انحسار الدور التربوي الذي تلعبه الأسرة، وغياب الوعي، ومع توفر دوافع الشهرة وجلب الأموال وحصد جمهور المتابعين انبرت شرائح مجتمعية من الشباب والمراهقين في تنفيذ أعمال ضارة، ومخالفة للأعراف والقوانين، وتحولت هذه المنصة على أيديهم إلى ساحة مفتوحة من المحرمات والمخالفات والسلوكيات التي تخالف تعاليم ديننا وقيمنا.

وكما تقول بعض التقارير الصحفية : وتعريف «المؤثر» ببساطة هو الشخص الذي يتبعه عدة ملايين، وبحد أدنى 10 آلاف متابع، على وسائل التواصل الاجتماعي، يثقون في تقييمهم لسلع أو خدمات في مجال معين بحيث تستعين بهم الشركات لتسويق منتجاتها مقابل مدفوعات أو هدايا تقدمها لهم. وهو مجال مختلف تماماً عن الإعلان المباشر وعن الإعلام، ويعترف أصحابه بتلقي مدفوعات مباشرة مقابل الخدمات التي يقدمونها.

ويأتي الترويج للمنتجات عبر العديد من الأساليب حيث يظهر المنتج في الخلفية للتعريف به أو يمثل الـ«المؤثر» دور المشتري للمنتج «لأنه يثق به» أو لأنه يعرف عن هذا المجال أكثر مما يعرف غيره. ورغم القدرة في التأثير على شراء منتجات معينة أو الترويج لها، فإن «المؤثر» غير مسؤول بالمرة عن النتائج إذا كانت هذه المنتجات ضارة أو ليست بالجودة التي يدعيها المؤثر.
المؤثرون يتمتعون بالابتكار ويرسمون خطوط توجهات الإنترنت التي تعرف باسم «تريندز». وهناك العديد من الفئات التي يمكن إطلاق اسم «المؤثرين» عليهم مثل الصحافيين والأكاديميين وخبراء التسويق ومحللي الأسواق. وهناك فئات بلا مهن محددة ولكنهم استطاعوا جمع أعداد غفيرة من المتابعين. وتجذب قراءة ما يكتبه هؤلاء في مدوناتهم أو المقتطفات التي يضعونها على مواقعهم المتابعين لهم.
إن عالم المؤثرين يعتبر ضئيلاً للغاية، بالمقارنة مع جمهور الإنترنت الدولي الذي أثبتت العديد من الأبحاث أن نسبة من يثقون في المؤثرين لا يتعدى أربعة في المائة من مستخدمي الإنترنت.
هل الآثار السلبية للسوشيال ميديا على المجتمع كثيرة؟

إن الآثار السلبية للسوشيال ميديا على المجتمع كثيرة بالفعل، ولا يقتصر تأثير السوشيال ميديا على الأطفال وإنما يشمل الكبار أيضًا، ومن هذه الآثار السلبية على المجتمع ما يأتي:

زيادة الفجوة بين الأبناء والآباء:
 كانت زيادة الفجوة العاطفية بين الآباء وابنائهم من أبرز الآثار السلبية لشبكات السوشيال ميديا، وذلك لأن كل واحد من الطرفين منشغل في جهازه الإلكتروني دون مراعاة مناقشة مشاكل الأبناء ومناقشتهم.

نشر ثقافة الاستهلاك: 
كان لشبكات السوشيال ميديا دورًا كبيرًا في نشر ثقافة الاستهلاك داخل المجتمعات، وهي ثقافة يقوم الأفراد من خلالها بشراء الكماليات التي تفوق إمكانياتهم المادية.

التفكك الأسري:
 أدى انتشار شبكات السوشيال ميديا وكثرة استخدامها إلى ضعف الروابط بين أفراد الأسرة الواحدة، وأصبح الطابع الفردي سائدًا بين أفراد الأسرة في كثير من الأحيان.

الحد من مناقشة الأمور الأسرية: 
أدى انتشار مواقع السوشيال ميديا وكثرة استخدامها إلى الحد من مناقشة الأمور الأسرية بين الزوجين في الأسرة الواحدة، وهو ما تسبب بزيادة مستويات التفكك الأسري في المجتمع.
نشر أسرار الآخرين: يقوم البعض بالاعتماد على شبكات السوشيال ميديا لنشر أسرار الآخرين وإفشائها دون وجود أي رادع ديني أو أخلاقي من نشر هذه الأسرار، وهو ما يعد اختراقًا لخصوصية الأفراد.

تعزيز التعصب:
 يستخدم بعض الأفراد وسائل السوشيال ميديا لإثارة نعرات التعصب والقبلية بين أفراد المجتمع الواحد بدلًا من تعزيز أواصر الترابط المجتمعي، ويتضح تأثير السوشيال ميديا على المجتمع بهذا الشكل في كثير من الأحداث.

تقليل الزيارات بين الأقارب: 
تسببت شبكات السوشيال ميديا بتقليل الزيارة المتبادلة بين الأقارب من أفراد العائلة الممتدة، وذلك للاكتفاء بالرسائل النصية كثيرًا من الأحيان بدلًا من زيارتهم بشكل شخصي.

الابتزاز:
 مع زيادة عدد مستخدمي شبكات السوشيال ميديا تشكّلت أنواع جديدة من الابتزاز التي تهدد بالتشهير عبر هذه الشبكات، ما يُشكّل خطورةً كبيرةً على أفراد المجتمع وينتهك راحتهم وخصوصيتهم.

تراجع استخدام العربية الفصحى: 
إن تراجع استخدام العربية الفصحى من آثار السوشيال الميديا السلبية على أفراد الوطن العربي؛ فإن الأفراد يستخدمون اللهجات العامية والأحرف والرموز غير العربية أحيانًا أثناء التواصل عبر مواقع السوشيال ميديا.

نشر الشائعات: 
صارت شبكات السوشيال ميديا وسيلة من وسائل نشر الشائعات وإثارة الفتن بين أفراد المجتمع خلال الوقت الراهن، وهو ما يؤدي إلى كثير من الآثار السلبية، ومنها نشر الخوف بين الأفراد.

ضياع الهوية الثقافية: 
تسهم شبكات السوشيال ميديا في ضياع الهوية الثقافية للمستخدمين وانتشار الهوية العالمية على حسابها، وذلك نتيجةً للتواصل مع الأفراد من مختلف أنحاء العالم والانفتاح على الثقافات الأخرى بشكل كبير.


ما هو تأثير السوشيال ميديا على الصحة النفسية؟
لا يقتصر تأثير السوشيال ميديا على المجتمع وحده وإنما هُناك العديد من الآثار الفردية السلبية التي يتعرض إليها المستخدمون على الصعيد الشخصية أيضًا، ومن ذلك: آثار السوشيال ميديا على الصحة النفسية بعدة أشكال سلبية، ومنها الآثار النفسية السلبية الآتية:

الاكتئاب والقلق: 
يؤدي التواصل مع الآخرين وجهًا لوجه إلى تحسين المزاج بشكل أفضل، ومع تقليل التواصل وجهًا لوجه وزيادة مستويات التواصل عبر السوشيال ميديا تزداد احتمالية الإصابة بالقلق والاكتئاب واضطرابات المزاج.

عدم الرضى عن الذات:
 في كثير من الأحيان تؤدي شبكات السوشيال ميديا إلى عدم الرضى بالذات، والشعور بالدونية فيما يتعلق بالمظهر أو غير ذلك مما يؤثر على الحالة النفسية بشكل سلبي.

الشعور بالوحدة: 
ربما يؤدي الاستخدام المفرط لشبكات السوشيال ميديا إلى الاعتزال وزيادة الشعور بالوحدة، ويؤدي الحد من استخدام شبكات السوشيال ميديا والتواصل عبر العالم الحقيقي إلى تقليل الشعور بالوحدة.

الندوب العاطفية:
كثيرًا ما يتعرض المستخدمون لشبكات التواصل الاجتماعي إلى الإساءة والتنمر الإلكتروني، وهو ما يؤدي إلى الكثير من الآثار السلبية العاطفية التي تنتج عن التنمر.

فكرة تفويت بعض الأشياء:
 مع كثرة متابعة شبكات السوشيال ميديا يتولد لدى المرء شعورٌ بتفويت الكثير من الأشياء التي تعزز من مستويات المرح؛ نظرًا لأن الآخرين يمتلكونها، وهو ما يقلل من الاحترام للذات ويزيد من القلق.

الاستغراق في الذات: 
يتسبب الانخراط في شبكات السوشيال ميديا أحيانًا بالاستغراق في الذات والتمركز غير الصحي حولها، والابتعاد على الاتصال بالحياة الواقعية التي يعيشها المرء.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

على هامش الحياة،،، الأنبياء أم التافهون؟ ( 1)

بسم الله الرحمن الرحيم

{ لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا مرحبا مليون ٥ ثئآياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ }.

اطلالة استلهامية : 
حين يتصل الإنسان المحدود الضعيف المحتاج باللامحدود الخالق العظيم والواهب الكريم والمالك الحكيم فلا بد من واسطة عظيمة تربطه وحفظه وترّقيه معرفةً وسلوكاً وهذه واسطة الفيض الأعظم والوجود الأكمل الأقدس محمد وعترته الطاهرين .


قبسة تفسيرية : 

يقول الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ( دامت بركاته ) في تفسيره الأمثل :
في هذه الآية يدور الحديث حول أكبر النعم الإلهية ، ألا وهي نعمة «بعثة الرسول الأكرم والنبي الخاتم» (صلى‌الله‌عليه‌ وآله‌ وسلم) ، وهو في الحقيقة إجابة قوية على التساؤل الذي خالج بعض الأذهان من الحديثي العهد بالإسلام بعد «معركة أحد» وهو : لماذا لحق بنا ما لحق ، ولماذا أصبنا بما أصبنا به؟ فيجيبهم القرآن الكريم بقوله :(لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أي إذا كنتم قد تحملتم كلّ هذه الخسائر ، وأصبتم بكلّ هذه المصائب ، فإن عليكم أن لا تنسوا أن الله قد أنعم عليكم بأكبر نعمة ، ألا وهي بعثه نبي يقوم بهدايتكم وتربيتكم ، وينقذكم من الضلالات وينجيكم من المتاهات ، فمهما تحملتم في سبيل الحفاظ على هذه النعمة العظمى والموهبة الكبرى ، ومهما كلفكم ذلك من ثمن ، فهو ضئيل إلى جانبها، وحقير بالنسبة إليها.

والجدير بالاهتمام ـ في المقام ـ هو أن هذه النعمة قد شرع ذكرها بكلمة «منّ» التي قد لا تبدو جميلة ولا مستحسنة في بادئ الأمر ، ولكننا عند ما نراجع مادة هذه اللفظة وأصلها اللغوي يتضح لنا الأمر غاية الوضوح ، وتوضيحه هو : ان المن ـ كما قال الراغب في مفرداته : هو ما يوزن به ، ولذلك أطلق على النعمة الثقيلة : المنة ، ويقال ذلك إذا كان ذلك بالفعل ، فيقال : من فلان على فلان إذا أثقله بالنعمة الجميلة الثمينة وهو حسن لا بأس فيه ، أما إذا عظّم أحد ـ في القول والادعاء ـ ما قام به من حقير الخدمات والأفعال والصنائع فهو في غاية القبح.
وعلى هذا فإن المن المستقبح هو الذي يكون استعظاما للصنائع والنعم في القول ، أما المنة المستحسنة فهي بذل النعم الكبرى والصنائع العظيمة.


لا مجال للعذر يوم القيامة :
قال تعالى {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ}.
يقول الشيخ جعفر السبحاني [دامت بركاته]: هذه ضابطة عامّة لكلّ من فوّت الفرصة، فيواجه نتيجة تفريطه.
إنّ القرآن الكريم يؤكّد على بعثة الرسل واحداً بعد الآخر، لتتمّ الحجّة على الناس، وتكون الحجّة البالغة لله تبارك وتعالى، قال سبحانه: (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيماً)1، ويقول سبحانه: (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَاب مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى).

وهذه الآيات وأمثالها تدلّ على أنّ العقاب قبل البيان أمر قبيح عقلاً، وأنّ العقاب فرع إتمام الحجّة، وأنّ العقاب قبل البيان يورث وجود الحجّة للكفّار على الله سبحانه، خلاف العكس.
ثمّ إنّه سبحانه ـ عناية بهداية الناس ـ أنذرهم بطرق مختلفة وهداهم بوسائل متنوّعة، فالفطرة الإنسانية السليمة تهدي الإنسان إلى الرشد، وقد عزّزها بالعقل الذي هو المصباح المنير من الداخل، ثم عزّزها سبحانه ببعث الرسل وإنزال الكتب إلى أن أتمّ أمر النذر بوعظ العلماء وتصدّيهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى ذلك فربما يكون الإنسان معانداً لهذه النذر فيستحق الدعاء عليه بقوله تعالى: (فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ).
وقد استظهرنا في بحوثنا العقائدية أنّ لله سبحانه رسلاً منذرين في عامّة الربوع، غير أنّ الواصل من أسمائهم قليل بالنسبة إلينا، كما أنّ القرآن لم يستقص أسماءهم وحياتهم، يقول سبحانه: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ).

فالربوع المكتشفة أخيراً كأمريكا وغيرها لم تكن مختزلة عن عناية الله تعالى بدليل قوله سبحانه:(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّة إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ).

ولو افترضنا أنّ أُمّةً من الأُمم حُرمت من الهداية عن طريق بعث الأنبياء وإنزال الحجج، فالحجّة عليها هي الفطرة السليمة والعقل القاضي بالحسن والقبح، فيجب عليها أن تسلك في الحياة على أساس هاتين الحجّتين .
وأمّا زمان الفترة بين نبيّ ونبيّ، كما هو الحال في الجزيرة العربية التي يقول فيها سبحانه: (لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ)، فلو كان معنى الآية خلوّ المجتمع العربي من الرسول والمنذر بعد النبيّ عيسى (عليه السلام)، فالحجّة عليهم أوصياء الرسل، مضافاً إلى ما تحكم به فطرتهم السليمة.

المحور الأول : صنعة الأنبياء وآثارها الخالدة  : 

هل يمكن للحياة أن تدوم بلا أنبياء وحجج ربانيين ؟ 
الجواب يمكن أن نصوّره لو تصورّنا حياة بلا قانون ، أو تصوّرنا قانون تابع لمصالح فئة متنفّذة ومسحوق معها الضعيف وعامة الناس ، فهل يسمى ذلك قانون أو قانون الهرج والمرج ؟! 
إن أهم ما بعث به الأنبياء هي إحياء النفوس على الخير والمعروف والاستقامة لتنتظم الحياة سلامةً تكاملاً تراحماً سكينةً ، يبعث الناس لرب العالمين مطيعين لأوامره التي أثبتت الوقائع حقانيّتها وبطلان ما سواها ويكفينا أن نرى الغرب المادي ومنظومته الخادعة التي تغنّنت بحقوق الإنسان ولكنها أثبت أنها شعارات كاذبة لا تمت للواقع بصالة إلا بمقدار ما يخدم منظومتها ومصالحها . 

- في الاعتقادات- للشيخ المفيد  ص 92، 93:
يقول الشيخ رحمه الله: اعتقادنا 
وأن الله تعالى خلق جميع ما خلق له ولأهل بيته عليهم السلام وأنه لولاهم لما خلق الله السماء والأرض، ولا الجنة ولا النار، ولا آدم ولا حواء، ولا الملائكة ولا شيئا مما خلق، صلوات الله عليهم أجمعين.

أمام هذا الواقع المرير الذي تعيشه البشرية من حروب ودمار ماذا يقدّم لنا منهج الأنبياء والحجج الربانيين ؟ 

1.صناعة الحياة : 
حتى نستوعب عظمة دعوة الأنبياء لابد من تصوّر إنسان لا مشاعر لديه ولا يتجاوز همه ذاته وشهواته موافقة للعقل أو مخالفة ، فالحياة لا تساوق الطبيعة ولا يمكن انحصارها بالماديات الطبيعية فقط . 
الأنبياء بعثوا ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور ومن الجهل إلى العلم ومن الأنانية إلى العطاء ومن اللذائذ البغيضة إلى الروابط النقية النزيهة . 
فمن أهم صنائع الأنبياء صناعة الحياة الهانئة الهادفة لا المندفعة ولا المنكفئة . 
لا يمكن أن نأمل في هداية الجميع، ولهذا واسى الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في مواضع عديدة من القرآن لشدة حزنه على من أصروا على الكفر. قال تعالى: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا)، الكهف: 6، وقال أيضاً: (..فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)، فاطر: 8.

ومع ذلك، فإن هذه المسؤوليات، كإقامة دولة عادلة أو هداية البشرية جميعها، تتوقف على توفر الظروف الملائمة، وليست هي الوظيفة الأساسية التي أرسلوا لأجلها. فمهمة الأنبياء تظل، في جوهرها، هي تبليغ رسالات ربهم وبيان الحق للبشرية.
وهذا يتسق مع ما روي عن الإمام الباقر عليه السلام حين قال: «لما حضر النبي صلى الله عليه وآله الوفاة نزل جبرائيل عليه السلام فقال له: يا رسول الله، هل لك في الرجوع؟ قال: لا، قد بلغت رسالات ربي. ثم قال له: يا رسول الله أتريد الرجوع إلى الدنيا؟ قال: لا، بل الرفيق الأعلى...». أمالي الشيخ المفيد، ص53.

هكذا يتضح لنا أن دور الأنبياء الرئيسي يكمن في أداء رسالتهم السماوية بصدق وإخلاص، وليس في بناء الدول أو تحقيق الهداية الشاملة، إذ إن هذه الأمور تأتي وفقاً لشروط وأسباب تختلف عن تلك التي تتعلق بمهمتهم الجوهرية.

2. صناعة الإنسان : 
صناعة الإنسان تنطلق من صناعة داخله لا صناعة المظهر وخواء الجوهر والبناء الحقيقي للإنسان ، فالطاعات ليست حركة روتينية وإنما صناعة موجود إنساني آدمي تملأ قلبه الحب والرحمة ، ولقد أجاد الفقيه العارف السيد السبزواري حين قال : اختلاف مراتب الطاعة بحسب مراتب المحبة والإخلاص:
"المراد من الطاعة - الّتي هي الوسيلة للوصول إلى الدرجات الرفيعة السامية والأفق القريب منه جلّ شأنه ، وهي الّتي أكّدت عليها الآيات الشريفة ودعى إليها الأنبياء والأولياء بألسنة مختلفة واهتمّوا بها ؛ لأنّها المبعث لتكريم الإنسان ونيله أشرف المراتب وأجلّ المقامات ، وهي الانقياد الكامل والامتثال مع الإخلاص لجلب رضا الحقّ وترك ما سواه . 

ولها مراتب كثيرة - بل متفاوتة - حسب إخلاص العبد ومقام العبوديّة ، بل حسب درجات الحبّ والمحبّة له جلّت عظمته ، ففي الأثر : « إنّ اللّه تعالى أودع أنوار الملكوت في أصناف الطاعات » . فأعلى مراتبها قتل النفس في الحقيقة وقمع هواها الّتي هي حياتها ، قال تعالى : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها * وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها [ سورة الشمس ، الآية : 9 - 10 ] ، وبالخروج عن عالم المادّة . ومن مراتبها تسليم النفس إليه تعالى ودوام المراقبة لها ، كما ورد ذلك في روايات مستفيضة عن المعصومين عليهم السّلام وفي الدعوات المأثورة عنهم ، وفي الأثر : « كنّا في طريق مكّة ، فإذا بشاب قائم في ليله يناجي ربّه ويقول : يا من شوقي إليه ، وقلبي محبّ له ، ونفسي له خادم ، وكلّي فناء في إراداتك ومشيئتك ، فأنت ولا غيرك ، متى تنجيني - إلى آخره - قلت له : رحمك اللّه ، ما علامة حبّه ؟ قال : اشتهاء لقائه . قلت : فما علامة المشتاق ؟
قال : ليس له قرار ولا سكون في ليل ولا نهار من شوقه إلى ربّه . قلت : فما علامة الفاني ؟ قال : لا يعرف الصديق من العدو ، ولا الحلو من المرّ من فنائه عن رسمه وجسمه . قلت : فما علامة الخادم ؟ قال : إنّه يرفع قلبه وجوارحه وطعمه من ثواب اللّه - إلى آخره » ، وعن نبيّنا الأعظم صلّى اللّه عليه وآله : « لا يكون أحدكم كالعبد السوء إن خاف عمل ، ولا كالأجير السوء إن لم يعط لم يعمل » . وعن سيد العرفاء عليّ عليه السّلام :
« إلهي عبدتك لا خوفا من نارك ولا طمعا في جنّتك ، بل وجدتك أهلا لذلك فعبدتك » . 

وبالطاعة الحقيقيّة ينال الإنسان الدرجات الرفيعة والمراتب الشريفة ، ويتجاوز عن حدّ الكمال ويصل إلى درجة التكميل ، فتكون له المعيّة في الدرجة لا في الاتّحاد - كما في بعض الروايات - لأنّ التساوي في كلّ جهة معه محال ، كما ثبت في الفلسفة الإلهيّة . 
كما أنّ العصيان والتجرّي بالإعراض عن طاعة الرحمن والإقبال على طاعة الشيطان ، يصل الإنسان إلى أسفل الهاوية ومنتهى الهلاك ، وإنّ له أيضا مراتب ، وعن نبيّنا الأعظم صلّى اللّه عليه وآله : « كلّ أمتي يدخلون الجنّة إلّا من أبى . قيل : يا رسول اللّه ، ومن أبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنّة ، ومن عصاني فقد أبى » ، فإنّ إطاعته إطاعة اللّه تعالى ، كما أنّ عصيانه كذلك ، كما تقدّم ."

والعلم الأول هو مطلع هذه الخيرات، وهو عبارة عن الإيمان والتصديق بأن الذنوب سموم مهلكة، وإذا أشرق على القلب ثار الندم الباعث على ما تقدم. وكثيراً ما يطلق اسم التوبة على معنى الندم وحده ويجعل العلم كالسابق والمقدمة والترك كالثمرة والتابع، وبهذا الاعتبار قال صلى الله عليه وآله وسلم: الندم توبة[1]. إذ لا يخلو الندم عن علم أوجبه وأثمره وعن عزم يتبعه ويتلوه.

 تنبيه الخاطر: المعذور بن سويد دخلنا على أبي ذر بالربذة فإذا عليه برد وعلى غلامه مثله، فقلنا لو أخذت برد غلامك إلى بردك كانت حلة وكسوته ثوبا غيره قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت
يده فليطعمه مما يأكل وليكسه مما يلبس، ولا يكلفه ما يغلبه، فان كلفه ما يغلبه فليعنه.
أبو مسعود الأنصاري: كنت أضرب غلاما فسمعني من خلفي صوتا. اعلم أبا مسعود اعلم أبا مسعود إن الله أقدر عليك منك عليه، فالتفت فإذا هو النبي صلى الله عليه وآله فقلت يا رسول الله هو حر لوجه الله، فقال: أما لو لم تفعل للفعتك النار.
مر بعضهم براع مملوك فاستباعه شاة فقال ليست لي فقال أين المالك؟ فقال أين الله؟ فاشتراه فأعتقه، فقال: اللهم قد رزقتني العتق فارزقني العتق الأكبر.
أراد رجل بيع جارية فبكت فسألها فقالت: لو ملكت منك ما ملكت مني ما أخرجتك من يدي فأعتقها.
عنه عليه السلام عاتبوا أرقاكم على قدر عقولهم.
في الحديث النبوي: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة تكفر ما بينهن إن اجتنب الكبائر».

3. صناعة الأمل :  
إن من وظائف الأنبياء صناعة الأمل والتفاؤل فالتوبة والرجوع بعد محاسبة النفس تصنع الإنسان المستعصم بالله والسائر في طريق الكمال لتتجه البشرية المنصفة من خلاب العودة للنفس واتباع الأنبياء والحجج الربانيين المعصومين لاتباعهم وتعميم هذه الصورة الناصعة وتتجه البشرية للعصمة الاختيارية ( ليخرجهم من الظلمات إلى النور ) ( وألو استقاموا على الطريقة ) ( ولو آمن أهل القرى ) . 
إنّ الأنبياء والأئمّة من أهل البيت عليهم السّلام معصومون من الذنب والخطأ تماماً ، وعصمتهم كما ذاتي وتكامل سائر الموجودات بهم ، 
وكما يقول بعض الكتّاب : 
هناك أدلّة متعدّدة على ذلك من الكتاب والسنّة والعقل والإجماع فمنها :
أنّ الناس مكلَّفون بالتمسّك بهم والأخذ منهم ، فابتلاؤهم ـ والعياذ بالله ـ بالخطأ والغفلة والنسيان والسهو كابتلائهم ـ والعياذ بالله ـ بالذنوب والمعاصي ، كلّ ذلك يوجب سقوط أقوالهم وأفعالهم عن الحجيّة ، ويفقد الناس بسبب ذلك الوثوق بما يقولون ويفعلون ، لأنّ احتمال الخطأ والنسيان والسهو حينئذٍ يجري في كلّ فعل من أَفعالهم وكلّ قول من أقوالهم ، وهذا لا ينسجم مع تكليف الناس باتّباعهم والتمسّك بهم.
إذاً فأمر الله تبارك وتعالى الناس باتّباع الأنبياء والأئمّة عليهم السّلام يستلزم لا محالة أن يكون كلّ قول وفعل يصدر منهم مطابقاً للواقع ولُبّ الحقيقة وأن يكونوا بعيدين كلّ البُعد عن كلّ ذنب وخطأ وسهو ، وإِلّا فلو كان من المحتمل أن يخطأ النبيّ أو الإمام فمن أين يعرف الناس أنّ ما يقوله أو يفعله هل هو صحيح ومطابق للواقع كي يأخذوا به أم هو خطأ وذهول وغفلة منه ؟ ومن هنا يتّضح لك أن ما يقوله البعض من أنّهم معصومون في مجال تبليغ الأحكام الدينيّة فقط ومعصومون من الكذب خاصّة كلام غير صحيح ، فنحن كيف نعرف أن ما يقوله النبيّ أو الإمام أو يفعله هل هو مرتبط بالدين كي نأخذ به أم هو غير مرتبط بالدين كي لا يجب علينا أخذه ؟ لا مجال لنا لمعرفة ذلك إلّا عن طريق النبيّ أو الإمام نفسه ، فإذا كان من المحتمل خطأه وسهوه وذهوله ـ والعياذ بالله ـ فسوف ينسدّ على الإنسان باب أخذ الدين واتّباعه ، فالعقل يحكم إذاً بضرورة إنسداد باب احتمال الخطأ والذهول تماماً على الأنبياء والأئمة عليهم السلام في كلّ أقوالهم وأفعالهم.

 4.صناعة الأتباع المؤثرين : 

لنا أن نرى كمالات هذا الدين في كمالات الأصحاب الملاصقين الصادقين الأوفياء العارفين بعظمة رسول الله (ص) ، فهم نموذج حي وجاذب للدين ، يري البعض أن أبا ذر كان موحداً قبل الإسلام، وكان يعبد الله قبل ثلاث سنوات من بعثة النبي(ص).[١٣] ويعدّه ابن حبيب البغدادي فيمن كان يرى بحرمة الخمر والأزلام في الجاهلية،[١٤] وكان من أوائل من آمن برسول الله(ص) بعد ظهور الإسلام. وفي رواية عن أبي ذر يقول فيها: كنت رابع الإسلام أسلم قبلي ثلاثة، وأنا الرابع أتيت نبي الله(ص)، فقلت: السلام عليك يا رسول الله. أشهد أن لا اله الا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فرأيت الاستبشار في وجه رسول الله(ص).[١٥]

ويروي ابن عباس قصة إسلام أبي ذر يقول : لما بلغ أبا ذر مبعث رسول الله(ص) بمكة قال لأخيه أنيس: اركب إلى هذا الوادي، واعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله، ثم ائتني.
فانطلق الأخ حتى قدم مكّة، وسمع من قوله، ثم رجع الى أبي ذر ... فتزود، وحمل شنة له فيها ماء حتى قدم مكة، فأتى المسجد، فالتمس النبي(ص) وهو لا يعرف، وكره أن يسأل عنه حتى أدركه الليل، فاضطجع، فرآه علي بن أبي طالب (ع) فقال: كأنّ الرجل غريب. قال: نعم. قال: انطلق إلى المنزل، وتذكر الرواية أنّه ذهب مع علي (ع).

وتكررت هذه الدعوة ثلاث ليال، وفي اليوم الثالث قال له علي(ع): ألا تحدثني ما الذي أقدمك هذا البلد. قال: إن أعطيتني عهداً وميثاقاً؛ لترشدني فعلت ففعل فأخبره علي (ع) أنّه نبيّ، وأنّ ما جاء به حق، وأنه رسول الله(ص). فإذا أصبحت فاتبعني، فأني إن رأيت شيئاً أخاف عليك قمت كأني أُريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل معي مدخلي قال: فانطلقت اقفوه حتى دخل علي(ع) على رسول الله(ص)، ودخلت معه، وحييت رسول الله(ص) بتحية الإسلام، فقلت: السلام عليك يا رسول الله - فكنت أوّل من حياه بتحية الإسلام - فقال: وعليك السلام، من أنت؟ قلت: رجل من بني غفار فعرض عليّ الإسلام، فأسلمت، وشهدت أن لا اله الا الله، وأن محمداً رسول الله.[١٦]
يتبع الحلقة الثانية : التافهون والحياة 

الاثنين، 27 يناير 2025

صوم وغسل المبعث

🦋*صوم وغسل المبعث*🦋

♦️ *مسألة اتفاقية*

*يستحب صوم يوم مبعث النبي(ص) .*

♦️ *غسل يوم المبعث :

🔅يُضم الوضوءُ مع الغسل على الرأيين التاليين .

  *في نية الغسل يوجد رأيان :

1️⃣ *بنية رجاء المطلوبية* .
وهو رأي السادة | الخوئي والسيستاني والحكيم والشيخين الوحيد والفياض .

📚 منهاج الصالحين 1- م 341 -337 .

2️⃣ *يؤتى بالغسل استحباباً* وهو رأي السادة | الإمام والسيد على الحسيني والسيد الشيرازي

📚 تحرير الوسيلة والموقع والمسائل الإسلامية 1: م 684.
    ____

أقل أهل العلم| حسام آل سلاط 
    ┈┉ ••°💠°•• ┉┈

🌐 للانضمام لفقهيات الحسام عبر الرابط

https://t.me/hqs514
__
🎋 اشترك في الصفحات عبر الرابط

🌐
https://linktr.ee/al.hussam
__
📲للاشتراك في خدمة الحسام الواتساب |  966561236216+
_
🌻 *ننشرها أريجاٌ مهدوياً*  هدية للإمام القائم أرواحنا فداه

الأحد، 26 يناير 2025

▪️معالم من فقه الكاظم (ع) ▪️



السَّلَاْمُ عَلَى المُعَذَّبِ فِي قَعْرِ السُّجُونِ وَظُلَمِ المَطامِيرِ ذِي السَّاقِ المَرْضُوضِ بِحَلَقِ القُيُودِ..

•┈┈•༶°•❃•°༶•┈┈•
نماذج من فقه الإمام الكاظم (ع)

1. الماء الجاري :

نوادر الراوندي : باسناده إلى موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال : قال علي عليه السلام :
♦️( الماء الجاري لا ينجسه شئ)

•┈┈•༶°•❃•°༶•┈┈•

2. التطهير :

ارشاد القلوب : عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام عن أمير - المؤمنين عليه السلام قال : قال الله تعالى لنبيه ليلة المعراج :

( كانت الأمم السالفة إذا أصابهم أذى نجس قرضوه من أجسادهم ، وقد جعلت الماء طهورا لامتك من جميع الأنجاس والصعيد في الأوقات) .

•┈┈•༶°•❃•°༶•┈┈•

3. بعد الوضوء وقبل الصلاة :

ومن قرب الإسناد : باسناده ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام قال سئل علي عليه السلام أن رجلا قلم أظافيره وأخذ شاربه أو حلق رأسه بعد الوضوء ،

♦️ قال : لا بأس لم يزده ذلك إلا طهارة  . 

•┈┈•༶°•❃•°༶•┈┈•

4. الرعاف في الصلاة :

روي أن عليا عليه السلام قال :

🔹 من رعف وهو في الصلاة فلينصرف وليتوضأ وليستأنف الصلاة .

•┈┈•༶°•❃•°༶•┈┈•

5. توجب الجنابة :

نوادر الراوندي : عن عبد الواحد بن إسماعيل ، عن محمد بن الحسن التميمي عن سهل بن أحمد الديباجي ، عن محمد بن محمد بن الأشعث ، عن موسى بن إسماعيل بن موسى ، عن أبيه ، عن جده موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال :

🔻اجتمعت قريش والأنصار ، فقالت الأنصار : الماء من الماء ، وقالت قريش : إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ، فترافعوا إلى علي عليه السلام.

♦️فقال عليه السلام : يا معشر الأنصار أيوجب الحد ؟ قالوا : نعم ، قال : أيوجب المهر ؟ قالوا : نعم ، فقال عليه السلام : ما بال ما أوجب الحد والمهر لا يوجب الماء ؟

فأبوا على أمير المؤمنين عليه السلام وأبى عليهم .

┈┉ ••°💠°•• ┉┈
▫️معالم من فقهه (ع) ▫️


وقد تتبع العلماء والكتاب ما روي من فقه الإمام الكاظم عليه السلام فوجدوا عدة كتب تناولتها رواياته الشريفة منها :

🔅في العبادات شملت :
كتاب الطهارة، وكتاب الصلاة، و كتاب الزكاة، و كتاب الصوم، و كتاب الاعتكاف، و كتاب الحج.

🔅وفي العقود والإيقاعات شملت :
كتاب الذبح،  وكتاب الأطعمة والأشربة،  وكتاب الإحياء، وكتاب القطة، وكتاب الفريز والميراث، وكتاب القضاء، وكتاب الشهادات، و كتاب الحدود، وكتاب الديات.

┈┉ ••°💠°•• ┉┈

📚 من الكتب النافعة كتاب الإمام موسى بن جعفر الكاظم وروايته الفقهية للكاتب عبدالسادة محمد الحداد

https://www.imamkadhim.com/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%85%d8%a7%d9%85-%d9%85%d9%88%d8%b3%d9%89-%d8%a8%d9%86-%d8%ac%d8%b9%d9%81%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%a7%d8%b8%d9%85-%d9%88%d8%b1%d9%88%d8%a7%d9%8a%d8%aa%d9%87-%d8%a7%d9%84%d9%81/

┈┉ ••°💠°•• ┉┈
🌐 للانضمام لفقهيات الحسام عبر الرابط

https://t.me/hqs514
__
🎋 اشترك في الصفحات عبر الرابط

🌐 https://linktr.ee/al.hussam
__
📲للاشتراك في خدمة الحسام الواتساب |  966561236216+
_
🌻 *ننشرها أريجاٌ مهدوياً*  هدية للإمام القائم أرواحنا فداه

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2024

الحسين،،، كنت نسمة محبة إلهية


بنفوس مطمئنة وقلوب مكلومة مسلّمين لأمر الله راضين بقضاء فقدنا الشاب النقي حسين ميثم،،، 

▪️ولدي الحبيب رسمناك صورة شاب واعد تنسج مرايا الفكر وتزيّنها بجمال الروح،،، هكذا كنّا نراك ولدي الحبيب الحسين تترسّم خطى أبيك وجدك وجدتك،،، لتضيف على ساحة المعرفة شخصية إيمانية عاشقة للقيم مفعمة باللطف 



▪️هكذا تأملنا لك ولكن ما أذخره الله أجمل وأعلى وأبقى، فالنفوس الطاهرة محلها الملأ الأعلى ومسكنها فردوس 
القرب وجنة الرضوان، لا دنيا الهموم والغموم 

▪️ ولدي الحبيب حين وقعت عيني على الخبر كانت النفس تطوي ليلها في وجعٍ وتسهّدها الآم حالة والديك كيف وأنت معقد آمالهما ولكن بين كل زفرة وحسرة على فقدك يا ولدي تذكرت أن إيمان والديك ليس إيمان محفوظات بل إيمان يقين قلبي وتجلت لي (إنا لله وإنا إليه راجعون ) فرأيت 
🔅إنا لله هي بلسم لمن يرى مالكية الله تعالى، 

🔅إنا لله هي تسليم من يرى حكمة الله وحسن تدبيره،

🔅إنا لله هي حياة للمسلّمين لأمره وأنتم ووالداك المؤمنين من هؤلاء الصالحين،، 

▪️نعم تعجز الكلمات وتنزف وجعاً لا يوصف مع كل نبضة، فالحدث فادح والفقد أذهل الفؤاد،،، ولكن حسبنا أن لله حكمة تخفى علينا ونسلّم له فيوالي علينا صلواته ورحماته،،

▪️ياولدي الحسين كل اللحظات التي مرت منذ تلقي الخبر كانت صعبة مرة  وانعقد لساني عن الكلام حيث لم يفارق أبوك الحبيب ميثم قلبي،،، ولكن مقام التسليم أن نقول معتقدين : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،،، 


▪️ولدي الحبيب إنها لحظات بوحٍ إذ في ليلة الخميس ليلة شهادة الزهراء عليها السلام 3 جمادى الثاني والمجلس الفاطمي يضج ألماً من محبيها كانت جالساً أمام المنبر مباشرة وكلما رفعت رأسي رأيتك موجوعاً على مصابها وفي عينيك الدامعتين الآف الحكايا التي تخيفها ولكن تجلى سرها حين وقع خبر رحيك على قلوبنا يوم السبت ليلة الأحد 5 جمادى الثاني وحسبنا أنك تعجلت اللحاق بسادتك شوقاً للثواب والجوار للأطهار عليهم السلام،،،

▪️ولدي الحسين كنت مثالاً للشاب الصالح والعاشق لسادته الطاهرين النقي في منهجه ومن كانت هذه حياته فلا يخشى عليه إذ من عشقهم هم شفعاؤه والصديقة البتول عليها السلام التي ختم حياته بأيامها ومجالس عزاءها هي الشافعة والمبلسمة لقلوب غالية مكلومة.. وإنه لامتحان يتناسب وعظمة إيمان والدك الحبيب ميثم وإيمان والدتك المؤمنة الصابرة والجدان المؤمنان والوالدة الغالية خادمة أهل البيت عليهم السلام أم ميثم عافاها الله وشافاها بحق محمد وآله الطاهرين 


لروح الشاب المؤمن حسين ابن أخينا الحبيب الصالح أ. ميثم الشيخ حسن آل خليف الرحمة والرضوان مشفوعة بالفاتحة. 

الأحد، 9 يونيو 2024

🔅أثر الاسم على المتسمي به


بسم الله الرحمن الرحيم 

🔅أثر الاسم على المتسمي به

 🔸مقدمة :

يعتبر الاسم من الأمور التي لا يمكن الاستغناء عنها , أو فصلها عن الأشياء , وهي أما أن تعيّن من قبل شخص بوضع اللفظ على المعنى , أو تتعين بالاستعمال أي أن اللفظ إن استعمل في معنى ومضى عليه زمان يتعين في ذلك المعنى .
ومما لا جدال فيها أن لكل شيء اسم يخصه , ولا يوجد شيء  بلا اسم , بل يتعجب المرء إن رأى شيئا مجرداً عن أي اسم , ومن هنا نرى الحرص على تسمية الأشياء بأسمائها لأنها تعكس صورته في ذهن السامع بمجرد سماع الاسم .
ومن الأسماء التي لا يمكن أن تنفصل أسماء الإنسان , فلكل إنسان اسم يخصه ويعود إليه , حتى أنك تستنكر على من لا اسم له بقولك : كيف تكون بلا اسم , فهل يؤثر الاسم  على صاحبه ؟

هذه المسألة تحتاج إلى بحث يشتمل على الجوانب النفسية والاجتماعية والروحية والروائية لنستخلص الحقيقة وندركها تماماً .

✒وقد طُلب مني أن أكتب بحثاً حول هذا الموضوع ولكن لضيق الفترة المحددة وكثرة الانشغالات أطرح عدة نقاط آملاً معاودة البحث بشكل أعمق .

💡الاسم في اللغة :

عرّفه الزمخشري في " المفصل " : الاسم ما دل على معنى في نفسه دلالة مجردة عن الاقتران .

أي عندما نطلق الاسم على شيء تنطبع صورة ذلك الشيء في الذهن , ولا حاجة إلى القرينة الكاشفة عن حقيقة المسمى , بل يتبادر إلى الذهن مباشرة , هذا تعريف من تعريفات الاسم وعليه اعتراضات نعرض عنها لعدم مناسبة المقام.
 وعرّفه ابن الحاجب : " بأنه ما دل على معنى في نفسه " . 


💡جهة تأثير الاسم
أثر الاسم كأثر الرائحة المنتشرة في مكان إن كانت طيبة طيبت المكان وإن كان غير طيبة أفسدت رائحة المكان , فالعطر الطيب يؤثر وتعلق رائحته في الأشياء ولو كان العطر قليل أو رائحته ضعيفة , وإن كانت قوية أنعشت المكان.

والاسم لا يقل أثراً عن النفس بل النفس أكثر تؤثراً من الأماكن لأنها حساسة جداً تتأثر بكل ما حولها فكيف لو كان الاسم يدل على نفس الإنسان .

والبشر يفرحهم الاسم الجميل ويسعدهم جداً , وهذا طبع البشر , والتاريخ مليء بالكثير من القصص والحوادث التي تدل على تفاؤلهم بالأسماء الجميلة من ذلك مثلاً :
 فقد النبي محمّد صلّى الله عليه وآله أمه في أيام رضاعه ، ولم يقبل ثدي مرضعة قط ، وكان هذا مبعث حزن وألم في البيت الهاشمي... إلى أن جاءت حليمة السعدية فعرضت ثديها عليه فقبله وتكفلت برضاعه ، عندئذ عم البيت السرور والفرح إلى أقصى حد فقال عبد المطلب مخاطباً إياها.
 ـ من أين أنتِ ؟ 
 قالت : امرأة من بني سعد. 
 قال : ما اسمك ؟ 
 قالت : حليمة. 
 قال : بخ بخ ، خُلقان حسنتان... سعدٌ وحلم (1) .


🔑وأما جهة تأثير الاسم على صاحبه فهو من جهات متعددة : 
الجهة النفسية .
الجهة الذهنية .
الجهة الروحية. 

أما من الجهة النفسية :
من المعروف أن الإنسان يتأثر بما يسمع من الآخرين فالكلام الطيب يعكس أثراً طيباً على النفس والعكس كذلك ,
فلو سمع الإنسان كلاماً طيباً لطيفاً من شخص آخر ألا يتأثر به ؟ 
بالتأكيد فالنفس البشرية بغض النظر عن دينها واعتقادها تتأثر بالكلام وترتب عليه الأثر , فقد يتأثر إنسان بكلمة واحدة فقط وتغير مسير حياته   وتبدل معتقداته ونمط تفكيره , إذن نحن لا ننكر أثر الكلام على الحالة النفسية للإنسان , فالحوادث الكثيرة التي تعج بها الصحافة المحلية والعربية والاجنبية تثبت صحة هذه المقولة بأن الإنسان شاء أو أبى يتأثر بما يسمع سلباً أو إيجاباً.

وكما يقول أحد الكُتّاب : (  فكما أن الهندام غير المتزن ، والأعضاء الناقصة ، والمنظر الكريه سبب للشعور بالحقارة ، ويؤدي ذلك غالباً إلى نشوء عقدة نفسية ، كذلك الاسم القبيح واللقب الكريه ، والنسبة المستهجنة فإن ذلك كله يدعو إلى نشوء عقدة الحقارة.
 ولو فرضنا أن 99% من أفراد المجتمع كانوا خليقين متزنين لا يجرحون عواطف هؤلاء ولا يحتقرونهم ، فإن الـ 1% الباقية لم تربّ تربية حسنة تكفي في إيذائهم بالاستهزاء والإهانة ).

فالكلام القبيح يؤذي النفس البشرية ويجعلها تدخل في حالات تتفاوت من شخص إلى آخر , والكلام الجميل ينعش النفس الإنسانية ويسعدها ولو للحظة .

فإذن الجهة النفسية لا يمكن إنكار تأثرها إطلاقاً بكلمة عابرة فكيف باسم  الإنسان الذي يتكرر كل يوم على مسامع صاحبه , ألا تنطبع إنطباعات على صاحبه بحسب نوع الاسم ؟ ! 

فأثر الإسم إن كان قابلاً للسخرية والاستهزاء على نفسية الطفل أنه قد يخلق عنده عقدة بالحقارة تلازمه حتى يكبر وتتضخم مع الأيام إن لم تجد لها العلاج الناجع .
وأما عقدة الحقارة فتشمل أموراً كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر ما يذهب له بعض الباحثين من المختصين في علم النفس بقول بعضهم : 
« تشمل عقدة الحقارة جميع المظاهر التي ظهر بها عدم الاعتماد على النفس ، والشعور بضعف الشخصية ، وعدم الكفاءة ، وفقدان الإرادة. 
إن الطفل الذي يبتلى بالشعور بالحقارة عندما يشب يلزم سيرة الوحدة والانزواء أو لا أقل من أن يوجد عنده الشعور بالغربة والابتعاد عن أقرانه ، لأن الوقائع والحوادث في دور الطفولة أفهمته أن الألفة والاجتماع مع الغير هو الذي جلب له السخرية والانتفاد.
 إن الذي يتجنب أقاربه وأترابه يقودنا إلى أنه معذّب من الشعور بحقارة وجدت فيه من تجاربه في الطفولة. 
ولهذا ـ وبناء على قواعد علم النفس ـ فإن كل حادثة تضعف أو تعدم عزة النفس عند الإنسان ، وتقلّل من طموحه عامل مهم لتوسعة ( عقدة الحقارة ) وتقويتها ووسيلة لجعله بين الأعضاء المختلين وضعاف النفوس في المجتمع».

فهل بعد هذا البيان بيان ؟ 

الجهة الذهنية :
تعريف العقل كما يعرفه الراغب الأصفهاني كتابه ( المفردات ) في مادة ( عقل ) : ( العقل : يقال للقوة المتهيئة لقبول العلم ، ويقال للعلم الذي يستفيده الإنسان ) .
فذهن الإنسان الذي يقوم بقبول العلم ويستفيده يخضع لعوامل تؤثر عليه سلباً وإيجاباً , والمتابعون والدارسون لحالات الإنسان يؤكدون على أن هنالك تلازم بين ما يسمعه من كلام وطبيعة تفكيره , فما يسمعه من كلام ينطبع على تفكير الإنسان .
فلو كان الأب ينادي ابنه طوال الوقت ( أنت غبي ) فإن ذلك ينعكس مع الأيام على ذهن وتفكير الولد , فقد اثبتت الدراسات التربوية أن للكلام أثر كبير جداً .
 هل جميعنا يعلم أهمية البذور التي نزرعها في عقول أبنائنا إنها العبارات والكلمات التي يتلقاها أبناؤنا؟ تلك البذور التي سوف تنمو وتشكل الصورة الذاتية التي يحملها الطفل لنفسه والتي سوف تشكل في نهاية المطاف جزءاً من شخصيته.

فالعديد من العبارات نسمعها داخل الملايين من البيوت تجاه أطفالهم: «أنت كسول» «أنت شديد الأنانية» «أنت غبيٌ» «أنت ميؤسٌ منك» «أنت إنسان سيئ مثل فلان تماماً» إن مثل هذه العبارات تسري في نفس الطفل كالتنويم المغناطيسي وتتحكم في تصرفاته لا شعورياً .

وقد ذكر العلماء على صعيد الأثر الذهني عدة أمور منها :
أن العقل يتذكر كل ما يحدث، فقد دعمت الأبحاث أن كل شيء، كل مشهد، كل صوت، كل كلمة، تختزن داخل عقل الإنسان إلى الأبد، مصحوباً بالأحاسيس بالرغم من أننا قد نجد صعوبة في التذكر، ولكن الذكريات موجودة وتؤثر على حياتنا.

السمع اللا شعوري:
فقد اكتشف العلماء أن السمع يتكون من جزئين، الأول: ما تلتقطه أذنك، والثاني ما تنتبه إليه بشكل واع.
لأن هناك أدلة تشير إلى أن الأصوات والعبارات يتم حفظها حتى أثناء الأحلام والنوم . لذلك علينا أن نراقب جيداً ما نقوله عن أطفا لنا ، لأن الطفل يستطيع حتى قبل أن يتحدث بشهور أن يتابع أغلب حديثك، لذلك علينا أن نشرع في استخدام هذه القناة كي تدعمهم لا كي تحبطهم .

فكيف إن كان ذلك الكلام هو اسمه الذي يرافقه أينما حل وارتحل , تنطبع في ذاكرته وعلى عقله .
فسمع الإنسان أسبق من رؤيته , وهو سريع التأثير عليه , فاختزان الأسماء والكلمات في الذاكرة تبقى إلى الأبد معه يستحضرها مع الأيام والأحداث .

الجهة الروحية : 
مما لا ريب فيه أن الأسماء لا تعدو كونها مجرد ألفاظ وإن كانت حسنة وجميلة وهي لوحدها غير كافية في سعادة الإنسان , والمقصود من الروايات هو أن للأسماء الحسنة آثار إيجابية في النفس والمجتمع بحيث  يمكن للمتسمي بها السمو إلى أخلاق النبي والأئمة (ع) وتمهيد طريقه إلى الجنة .

والنكتة المستنبطة في التسمية هي أن اسم كل شخص وبأي معنى كان يجدد للشخص نفسه – بالاستعمال المكرر – ذكريات خاصة , ولا يخلو ذلك من فائدة قد تنعكس على سعادته أو شقاوته .

ولا شك أن لكل فعل وتصرف واسم أثر على الروح , فالاسم الحسن يؤثر أثراً حسناً على روح صاحبه والأدلة على ذلك كثيرة من خلال روايات آل محمد (ع) من ذلك مثلاً ما يرويه أبو هارون وهو من أصحاب الصادق (ع) :  

🌴روى محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن أبي هارون مولى آل جعدة قال : كنت جليسا لأبي عبد الله عليه السلام بالمدينة ففقدني أياما ثم إني جئت إليه فقال لي : لم أرك منذ أيام يا أبا هارون ، فقلت : ولد لي غلام ، فقال : بارك الله فيه فما سميته ؟ قلت : سميته محمدا قال : فأقبل بخده نحو الأرض وهو يقول : ( محمد محمد محمد حتى كاد يلصق خده بالأرض ثم قال : بنفسي وبولدي وبأهلي وبأبوي وبأهل الأرض كلهم جميعا الفداء لرسول الله صلى الله عليه وآله ، لا تسبه ولا تضربه ولا تسئ إليه ، واعلم أنه ليس في الأرض دار فيها اسم محمد ، إلا وهي تقدس كل يوم ، ثم قال لي : عققت عنه قال : فأمسكت قال : وقد رآني حيث أمسكت ظن أني لم أفعل فقال : يا مصادف ادن مني ، فوالله ما علمت ما قال له إلا أني ظننت أنه قد أمر لي بشيء فذهبت لأقوم فقال لي : كما أنت يا أبا هارون  فجاءني مصادف بثلاثة دنانير ، فوضعها في يدي فقال : يا أبا هارون اذهب فاشتر كبشين واستسمنهما   وأذبحهما وكل وأطعم ).

✅ فتأمل الرواية جيداً تجدها مليئة بالكثير من الدروس التربوية والروحية من حيث كيفية التعامل معه , وتشجيع الإمام المعصوم بعد النبي (ع) على الاسم الحسن الجميل وعلى الأخص الأسماء المطهرة المباركة , وكيف يتعامل الإنسان مع صاحبها للنهوض بالجانب النفسي والروحي والذهني لخلق أشخاص يحملون الروح النقية التي ترتقي بالمجتمع من خلال الفرد . 

فاستحضار صاحب الاسم ذكريات المسمى الأساسي ينعكس عليه , لذا يستحب التسمي باسم محمد وعلي وآل محمد (ع) ويكره التسمي بأسماء أعداء الله ورسوله (ص) من ذلك ما رواه سعيد بن المسيب عن عمر عن الخطاب قال : ولد لاخى ام سلمة - زوج النبى صلى الله عليه ( وآله ) وسلم - غلام فسموه الوليد ، فقال النبى صلى الله عليه ( وآله ) وسلم : سميتموه باسم فراعنتكم في هذه الامة رجل يقال له الوليد ، هو شر على هذه الامة من فرعون  لقومه ) .

ومن جهة ثانية فإن أشرف الخلق محمد وآله (ص) قد اختار الله تعالى لهم أسمائهم , وهم علة الوجود , فلو كان أفضل خلق الله تعالى تليق بهم أسماء تناسب مقامهم لسماهم بها الله سبحانه .

🔹فكما نعرف أن الاسم له أثر على روح الإنسان فإن الاسم الكامل له أثر كبير على روح المرء , لذا فاختيار أسماء آل محمد (ص) له أثر واضح على هذا الإنسان , والروايات متظافرة في هذا المجال .

🔻وفي الختام ونظراً لطلب الأخوات بكتابة مقال في هذا المجال في وقت سريع نقتصر على هذا المقدار على أمل مواصلة البحث والتوسع فيه في وقت لاحق والسلام . 

🔵 بحث لسماحة الشيخ حسام آل سلاط تم نشره قبل سنوات في إحدى مجلات المنطقة  .