البحوث

  • المجتمع

الأربعاء، 21 ديسمبر 2016

ولدي مدمن على الأفلام






*سماحة الشيخ حسام آل سلاط

ولدي يدرس في مرحلة ثاني ثانوي وهو بشكل عام طيب ومؤدب ويحترمنا ويحب الدراسة وأصدقائه طيبون ومتفوقين في الدراسة ، وكل هم بعد كله في الأجهزة

مشغول باله بالمشاهدة في الأجهزة ، ويشاهد أيضا فيلم كرتوني كله أفكار سامة , فهو حتى لو طلع ويرجع مباشرة للمشاهدة وكان سابقا يخرج أكثر وكان بالنسبة للصلاة محافظ عليها أكثر أما الآن ففراغه يشغله بالمشاهدة.

ولما أبين له خطورة المشاهدة فيرد دائما أنت تخافين كثيراً  ماما ، كل الناس تشاهد وتلعب بالألعاب الالكترونية  ولا يحدث لهم شي ، فما الحال؟

جوابنا :



إن مشاعر الوالدين وحبهما لأبنائهما شعور حقيقي وحرصهما عليهم لهي مشاعر جبلية لذا فالرغبة من الوالدين بتميز الأبناء والخوف عليهم أمر طبعي إنساني .

في إطار المتابعة الجادة من قبل الوالدين قد يريان ما لا يحبذانه خصوصاً ما يتعلّق بالإفراط سواءً في متابعة الرياضة أو الألعاب الرياضية أو متابعة الأفلام غربيةً أو شرقية , فالإفراط هو تجاوز الحد الطبيعي ، فتبدأ الإرشادات والتنبيه بأن لا يطيل الابن في ذلك الأمر ثم يزداد تحسس الوالدين إثر عدم استجابة الابن لتوجيهاتهم التي يرونها حقاً لهما عليه ، فمع تمنّع الولد يزداد قلقهما وخوفهما أن يدخل في دائرة الإدمان الذي قد يؤثر على دينه وقيمه ودراسته وهو خوف محمود في حد ذاته ، ولكن الحرص الزائد قد يتحوّل إلى تكبيل وتقييد لحرية الابن بنظره خصوصاً مع دخوله في مرحلة المراهقة .

أسباب الإفراط في مشاهدة الأفلام :

1-   الفراغ : فمتى ما شعر بأنه ليس لديه ما يملأ وقته ويفرغ فيه طاقته يتجه ناحية متابعة النت الذي يعتبر كسيل يحمل كل شيء ما يصلح وما لا يصلح .
والحل : أن نجدول بعض المهام بين أفراد الأسرة لإشراك الابن لإخراجه من حالة الإفراط في المشاهدة .
2-   قلة الأصدقاء : وهذا عامل قوي للانفراد ، حيث أن قلة الأصدقاء عامل قوي في وجود الفراغ الذي لابد أن يملئ ، فتشجيعه على تكوين الصداقات مع المميزين معرفياً وتربوياً والانفتاح على أصدقاء جدد طريق هام لتجاوز حالة الإفراط في المشاهدة مع متابعة من هم هؤلاء الأصدقاء .
3-   عدم الالتفات إلى خطورة الإفراط : إن الحديث الودي عن نتائج الإفراط في شكل تقديم دراسات لآثار ذلك على الجانب النفسي والاجتماعي والدراسي قد يكون منبهاً له ليحذر منه .
4-   إعانته بخطوات عملية عبر تحديد أوقات محددة للمشاهدة ، وعدم الانعزال في غرفة نومه ، وبالتالي لا يمكن أن يتصفح حساباته التكنولوجية ومتابعة الأفلام وهو في السرير ليقلل بعد مدة من ساعات المشاهدة فملازمة السرير عدم المتابعة يتحول إلى الإفراط .
5-    بيان بعض الآثار السلبية للإفراط حيث أن الدراسات العلمية والنفسية والتربوية توصّلت إلى أن المشاهدة المكثفة للتلفزيون تؤثر تأثيرا سلبيا على مستوى الوعي عند الأبناء، وتكسبهم أنماطا من السلبية واللامبالاة، كما تفقدهم الإحساس بالزمن، ‏وعدم الرغبة في ممارسة أية أنشطة عقلية أو حركية؛ وهو ما يساعد على نمو الإحساس بالبلادة والبطء الاستجابي والانفعالي.
6-   أن لا ننسى أن هنالك تعاليم من سادتنا الأطهار عليهم السلام في التعامل مع الأبناء خصوصاً التدرج في التوجيه ، والتربية بالنمذجة بحيث يكون سلوكنا نحن مربٍ لهم دون الإكثار في النصائح مما يريهم القيم الطيبة مجسدة في تعاملنا معهم ومع الآخرين .
7-    الأمر الأخير أن تجعلوه يقرأ أهم نتائج الإفراط على الصحة ومن ذلك ما ورد في في دراسة أمريكية نشرت في مجلة "ساينتفك أمريكان" عام 2002، أوضحت أن مشاهدة التلفزيون لوقت أكثر مما ينبغي يمكن أن تؤدي إلى حالة من الإدمان تؤثر على حياة الشخص وصحته الجسدية والنفسية.

صممت الدراسة بحيث يتم عمل رسم للمخ للأشخاص الذين يجلسون لفترات طويلة أمام التلفزيون، وقياس مقاومة وحرارة الجلد، وسرعة نبضات القلب والتنفس، وبينت النتائج أن المشاهدة لفترات طويلة تجعل الإنسان يشعر بشيء من الاسترخاء والسلبية، بينما أوضحت نتائج فحص رسم المخ أن المخ أقل تنبها واستيقاظا أثناء المشاهدة، وبالرغم من أن إحساس الاسترخاء يضيع بمجرد غلق التلفزيون، فإن الشعور بالسلبية وركود نشاط المخ يستمر حتى بعد القيام من أمام الشاشة.



وأكدت الدراسة أن معظم مدمني التلفزيون يشاهدون أكثر مما ينوون مشاهدته بغض النظر عن نوعية البرامج، تماما مثل المدمن الذي يزيد من كمية المخدر التي يتناولها حتى يحدث له الأثر النفسي والبيولوجي الذي اعتاد عليه، كذلك فمشاهدة التلفزيون تشغل حاستي السمع والبصر معا، وتسبب لهما ما يسمى برد الفعل التكيفي؛ وهو ما يسبب انخفاضا في سرعة دقات القلب قد يستمر لمدة من 4-5 ثوان بعد التعرض لرد الفعل هذا، سواء السمعي أو البصري.



وقد تمكن الباحثون من جمع بيانات عن آلام التوقف عن المشاهدة ثبت أنها شبيهة بمعاناة الإقلاع عن المخدرات، فالضيق والتوتر الذي ينتاب مدمن التلفزيون عند إصابة الجهاز بخلل أو انقطاع التيار الكهربائي أثناء المشاهدة يشبه ما تفعله العقاقير المهدئة التي تسبب إدمانا عند افتقادها.



كما أظهرت دراسة علمية لنمو الأطفال أن العديد منهم يعاني من اضطرابات ناجمة عن مشاهدة التلفزيون كالاكتئاب، والسلوك العدائي، وفرط النشاط، والغيرة المرضية، والخوف، وأن إدمان المشاهدة يؤدي لانخفاض مهاراتهم اليدوية، وزيادة السمنة، وضعف التخيل والابتكار، كما بينت أن معدل حرق الجسم للسعرات الحرارية أو الهضم وتمثيل الجسم للمواد الغذائية يقل في المتوسط بمقدار 14% عند مشاهدة التلفزيون عنه عند النوم.



في الختام نسأل الله تعالى أن يحفظ الأبناء ويوفقهم لكل خير وسداد ويصلح بالكم ويجعل الأبناء من الذرية الصالحة بحق محمد وآل محمد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق