بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله وآله الطاهرين واللعن على أعدائهم أجمعين.
من المنح
الربانية التي لا تنقطع بركاتها في شهر رمضان المبارك أن لكل آن من آناته ولحظة من
لحظاته ألطاف ومعارج نور لمن رام القرب من الله سبحانه وتعالى.
حيث
النفس تمر بحالات فتور وكسل ولكن شهر رمضان الفرص فيه تترى والعنايات الربانية تتنوع
لشمل كافة المبتهلين والتائبين .
وإلى
آخر لحظات شهر رمضان المبارك تتوالى الفيوضات ومنها أعمال ليلة العيد التي تذكر الإنسان
بأنه ما زالت تتعاقب دون انقطاع ، وعلى المؤمن أن
1- يغتنم
آخر هذه السويعات ويكون بين الخوف والرجاء
.
2- وأن
يتأدب بآداب المحب لربه والخائف من خسران الأعمال وعدم قبولها .
3- ولا يغفل عن كونه فرصة استثنائية وفواتها توجب الشقاء
( فإن الشقي من حُرم غفران الله في هذا الشهر )
.
4- أن
يفرّغ نفسه سويعات ليلة العيد ليفوز بالآخرة ، فالدنيا مهما كانت إلا ما كان منها أمراً
هاماً لا يمكن تأجيله لا يمكن أن تُقارن بالآخرة ، وفي الخبر عن الثمالي، عن علي بن
الحسين عليهما السلام:
أنه
قال يوما لأصحابه: إخواني! أوصيكم بدار الآخرة، ولا أوصيكم بدار الدنيا فإنكم عليها
حريصون، وبها متمسكون، أما بلغكم ما قال عيسى بن مريم عليه السلام للحواريين؟ قال لهم:
الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها، وقال: أيكم يبنى على موج البحر دارا، تلكم الدار
الدنيا، فلا تتخذوها قرارا ) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٠ - الصفحة ١٠٧
* فضل
ليلة العيد:
عن جعفر
بن محمد ، عن أبيه عليهم السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام يحيي ليلة عيد
الفطر بصلاة حتى يصبح ويبيت ليلة الفطر في المسجد ويقول : يا بني ماهي بدون ليلة -
يعني ليلة القدر .
الراوي
واسمه حسن: " قلت لأبي عبد الله ( الصادق) عليه السلام: إن الناس يقولون إن المغفرة
تنزل على من صام شهر رمضان ليلة القدر؟ فقال يا حسن ان القاريجار( أي العامل ) انما
يعطى اجرته عند فراغه وذلك ليلة العيد.
أعمال
ليلة عيد الفطر :
لهذا
فالفائز من تروّى من نمير شهر رمضان إلى آخر الأنفاس فيه ؛ ومن الأعمال الواردة في
هذه الليلة :
1- الغسل
المندوب: المشتمل على غسل الأجساد بالماء ، وغسل القلوب من الذنوب ، وروي انه يغتسل
قبل الغروب من ليلته إذا علم أنها ليلة العيد ، وروي انه يغتسل أواخر ليلة العيد .
2- إحياؤها
بالعبادة : من الصلاة والاستغفار و الدعاء ، روي عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال
: من أحيا ليلة العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.
وعن
جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهم السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام يحيي ليلة
عيد الفطر بصلاة حتى يصبح ويبيت ليلة الفطر في المسجد ويقول : يا بني ماهي بدون ليلة
- يعني ليلة القدر-.
3- دعاء
: إذا غربت الشمس فاغتسل ، فإذا صليت المغرب والأربع التي بعدها فارفع يديك وقل : يا
ذا المن والطول يا ذا الجود ، يا مصطفى محمد وناصره ، صل على محمد وآل محمد واغفر لي
كل ذنب أحصيته ، وهو عندك في كتاب مبين . ثم تخر ساجدا وتقول مائة مرة : أتوب الى الله
، وأنت ساجد . ثم تسأل حاجتك فانها تقضى ان شاء الله تعالى (2) .
4- التكبير
عقيب أربع صلوات : وهي صلاة المغرب والعشاء من ليلة العيد والفجر من يوم العيد وصلاة
العيد ، ثم ينقطع ، وهو قول الله تعالى : (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم
)،(3) والتكبير ان يقول :
( الله اكبر الله اكبر الله اكبر ، لا إله إلا الله
والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد الحمد لله على ما هدانا ، وله الشكر على ما أولانا
).
5- ركعتان
بين العشائين : رواهما الحارث الأعور أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يصلي ليلة
الفطر بعد المغرب ونافلتها ركعتين ، يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب و مائة مرة ( قل هو
الله أحد ) ، وفي الثانية فاتحة الكتاب و ( قل هو الله أحد ) مرة ، ثم يقنت ويركع ويسجد
ويسلم . ثم يخر لله ساجداً ، ويقول في سجوده : أتوب إلى الله ، مائة مرة .
6- ست
ركعات ، يقرأ في كل ركعة خمس مرات ( قل هو الله أحد )
7- صلاة
عشر ركعات بالحمد مرة والإخلاص عشر مرات ، ويقول مكان تسبيح الركوع والسجود : سبحان
الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر . ويسلم بين كل ركعتين ويستغفر الله ألف
مرة بعد الفراغ ، ويقول في سجدة الشكر : يا حي يا قيوم ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا
رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما ، يا ارحم الراحمين ، يا اله الأولين والآخرين ، اغفر
لي ذنوبي وتقبل صومي وصلاتي . لم يرفع رأسه من السجود حتى يغفر له ويتقبل منه صومه
ويتجاوز عن ذنوبه .
8- عن
الحارث الأعور أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يصلي ليلة الفطر ركعتين ، يقرأ
في الأولى فاتحة الكتاب مرة و ( قل هو الله أحد ) ألف مرة ، وفي الثانية فاتحة الكتاب
و ( قل هو الله أحد ) مرة واحدة ، ثم ركع ويسجد . فإذا سلم خر ساجدا ويقول في سجوده
: أتوب إلى الله - مائة مرة ، ثم يقول : يا ذا المن والجود ، يا ذا المن والطول ، يا
مصطفى محمد ، صل على محمد وآله وافعل بي كذا وكذا . فإذا رفع رأسه اقبل رأسه اقبل علينا
بوجهه ثم يقول : والذي نفسي بيده لا يفعلها أحد يسأل الله تعالى شيئا إلا اعطاه .
ثم تسجد
وتقول :يا الله يا الله ، يا رب يا الله ، يا رب يا الله ، يا رب يا الله ، يا منزل
البركات ، بك تنزل كل حاجة . أسألك بكل اسم في مخزون الغيب عندك ، والأسماء المشهورات
عندك ، المكتوبة على سرادق عرشك ، أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تقبل مني شهر رمضان
، وتكتبني في الوافدين إلى بيتك الحرام ،وتصفح لي عن الذنوب العظام، وتستخرج يا رب
كنوزك يا رحمان .
9- صلاة
أربع عشرة ركعة ، يقرأ في كل ركعة الحمد وآية الكرسي ، وثلاث مرات ( قل هو الله أحد
) .
10-
زيارة الحسين صلوات الله عليه في ليلة عيد الفطر .
11-
وداع شهر رمضان المروي عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع)
أللَّهُمَّ
يَا مَنْ لا يَرْغَبُ فِي الْجَزَاءِ، وَلاَ يَنْدَمُ عَلَى الْعَطَآءِ، وَيَا مَنْ
لاَ يُكَافِئُ عَبْدَهُ عَلَى السَّوآءِ، مِنَّتُكَ ابْتِدَاءٌ، وَعَفْوُكَ تَفَضُّلٌ،
وَعُقُوبَتُكَ عَـدْلٌ، وَقَضَاؤُكَ خِيَرَةٌ، إنْ أَعْطَيْتَ لَمْ تَشُبْ عَطَآءَكَ
بِمَنٍّ، وَإنْ مَنَعْتَ لَمْ يَكُنْ مَنْعُكَ تَعَدِّيا تَشْكُرُ مَنْ شَكَرَكَ وَأَنْتَ
أَلْهَمْتَهُ شُكْرَكَ، وَتُكَافِئُ مَنْ حَمِدَكَ وَأَنْتَ عَلَّمْتَهُ حَمْدَكَ،
تَسْتُرُ عَلَى مَنْ لَوْ شِئْتَ فَضَحْتَـهُ وَتَجُودُ عَلَى مَنْ لَوْ شِئْتَ مَنَعْتَهُ،
وَكِلاَهُمَا أَهْلٌ مِنْكَ لِلْفَضِيحَةِ وَالْمَنْعِ، غَيْرَ أَنَّكَ بَنَيْتَ أَفْعَالَكَ
عَلَى التَّفَضُّلِ، وَأَجْرَيْتَ قُدْرَتَكَ عَلَى التَّجَاوُزِ، وَتَلَقَّيْتَ مَنْ
عَصَاكَ بِالحِلْمِ، وَأمْهَلْتَ مَنْ قَصَدَ لِنَفْسِهِ بِالظُّلْمِ، تَسْتَنْظِرُهُمْ
بِأناتِكَ إلى الانَابَةِ وَتَتْرُكُ مُعَاجَلَتَهُمْ إلَى التَّوْبَةِ لِكَيْلاَ يَهْلِكَ
عَلَيْكَ هَالِكُهُمْ، وَلا يَشْقَى بِنِعْمَتِكَ شَقِيُّهُمْ إلاَّ عَنْ طُولِ الاِعْذَارِ
إلَيْهِ، وَبَعْدَ تَرَادُفِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ كَرَماً مِنْ عَفْوِكَ يَا كَرِيْمُ،
وَعَائِدَةً مِنْ عَطْفِكَ يَا حَلِيمُ.
أَنْتَ
الَّذِيْ فَتَحْتَ لِعِبَادِكَ بَاباً إلَى عَفْوِكَ وَسَمَّيْتَهُ التَّوْبَـةَ، وَجَعَلْتَ
عَلَى ذلِكَ البَابِ دَلِيلاً مِنْ وَحْيِكَ لِئَلاَّ يَضِلُّوا عَنْهُ فَقُلْتَ تَبَارَكَ
اسْمُكَ: ﴿تُوبُوا إلَى الله تَوْبَةً نَصُوحـاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّـرَ عَنْكُمْ
سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الانْهَارُ يَوْمَ لاَ
يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ
وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إنَّكَ
عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ﴾
فَمَا
عُذْرُ مَنْ أَغْفَلَ دُخُولَ ذلِكَ الْمَنْزِلِ بَعْدَ فَتْحِ الْبَابِ وَإقَامَةِ
الدَّلِيْلِ، وَأَنْتَ الَّذِي زِدْتَ فِي السَّوْمِ عَلَى نَفْسِكَ لِعِبَادِكَ تُرِيدُ
رِبْحَهُمْ فِي مُتَاجَرَتِهِمْ لَكَ، وَفَوْزَهُمْ بِالْوِفَادَةِ عَلَيْكَ وَالزِّيادَةِ
مِنْكَ فَقُلْتَ تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَيْتَ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ
عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزى إلاّ مِثْلَهَا﴾ وَقُلْتَ:
﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّة أَنْبَتَتْ
سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَة مَائَةُ حَبَّة وَالله يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾
وَقُلْتَ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِيْ يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَنَاً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أضْعَافاً
كَثِيرَةً﴾ وَمَا أَنْزَلْتَ مِنْ نَظَائِرِهِنَّ فِي الْقُرْآنِ مِنْ تَضَاعِيفِ الْحَسَنَاتِ،
وَأَنْتَ الَّذِي دَلَلْتَهُمْ بِقَوْلِكَ مِنْ غَيْبِكَ وَتَرْغِيْبِكَ الَّذِي فِيهِ
حَظُّهُمْ عَلَى مَا لَوْ سَتَرْتَهُ عَنْهُمْ لَمْ تُدْرِكْهُ أَبْصَارُهُمْ وَلَمْ
تَعِـهِ أَسْمَاعُهُمْ وَلَمْ تَلْحَقْـهُ أَوْهَامُهُمْ فَقُلْتَ: ﴿اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ
وَاشْكُرُوا لِيْ وَلا تَكْفُرُونِ﴾ وَقُلْتَ: ﴿لَئِنْ شَكَـرْتُمْ لازِيدَنَّكمْ وَلَئِنْ
كَفَـرْتُمْ إنَّ عَذابِيْ لَشَدِيدٌ﴾ وَقُلْتَ: ﴿ادْعُونِيْ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إنَّ
الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ فَسَمَّيْتَ
دُعَاءَكَ عِبَادَةً، وَتَرْكَهُ اسْتِكْبَاراً، وَتَوَعَّدْتَ عَلَى تَرْكِهِ دُخُولَ
جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ، فَذَكَرُوكَ بِمَنِّكَ وَشَكَرُوكَ بِفَضْلِكَ، وَدَعَوْكَ بِأَمْرِكَ،
وَتَصَدَّقُوا لَكَ طَلَباً لِمَزِيدِكَ، وَفِيهَا كَانَتْ نَجَاتُهُمْ مِنْ غَضَبِكَ،
وَفَوْزُهُمْ بِرِضَاكَ، وَلَوْ دَلَّ مَخْلُوقٌ مَخْلُوقاً مِنْ نَفْسِهِ عَلَى مِثْلِ
الَّذِيْ دَلَلْتَ عَلَيْهِ عِبَادَكَ مِنْكَ كَانَ مَوْصُوْفَاً بالاحْسَان وَمَنْعُوتاً
بِالامْتِثَال ومحمُوداً بكلِّ لِسَان،
فَلَكَ
الْحَمْدُ مَا وُجِدَ فِي حَمْدِكَ مَذْهَبٌ، وَمَا بَقِيَ لِلْحَمْدِ لَفْظ تُحْمَدُ
بِهِ وَمَعْنىً يَنْصَرفُ إلَيْهِ يَـا مَنْ تَحَمَّدَ إلَى عِبَـادِهِ بِالاِحْسَـانِ
وَالْفَضْل، وَغَمَرَهُمْ بِالْمَنِّ وَالطَّوْلِ، مَا أَفْشَى فِيْنَا نِعْمَتَكَ
وَأَسْبَغَ عَلَيْنَا مِنَّتَكَ، وَأَخَصَّنَا بِبِرِّكَ! هَدْيَتَنَا لِدِيْنِكَ الَّـذِي
اصْطَفَيْتَ، وَمِلَّتِـكَ الَّتِي ارْتَضَيْتَ، وَسَبِيلِكَ الَّذِي سَهَّلْتَ، وَبَصَّرْتَنَا
الزُّلْفَةَ لَدَيْكَ وَالوُصُولَ إلَى كَـرَامَتِكَ.
أللَّهُمَّ
وَأَنْتَ جَعَلْتَ مِنْ صَفَـايَـا تِلْكَ الْوَظَائِفِ وَخَصَائِصِ تِلْكَ الْفُرُوضِ
شَهْرَ رَمَضَانَ الَّذِي اخْتَصَصْتَهُ مِنْ سَائِرِ الشُّهُورِ، وَتَخَيَّرْتَهُ
مِن جَمِيعِ الازْمِنَةِ وَالدُّهُورِ، وَآثَرْتَهُ عَلَى كُلِّ أَوْقَاتِ السَّنَةِ
بِمَا أَنْزَلْتَ فِيهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالنُّورِ، وَضَاعَفْتَ فِيهِ مِنَ الايْمَانِ،
وَفَرَضْتَ فِيْهِ مِنَ الصِّيَامِ، وَرَغَّبْتَ فِيهِ مِنَ القِيَامِ، وَأَجْلَلْتَ
فِيهِ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر،
ثُمَّ
آثَرْتَنَا بِهِ عَلَى سَائِرِ الاُمَمِ وَاصْطَفَيْتَنَا بِفَضْلِهِ دُوْنَ أَهْلِ
الْمِلَلِ، فَصُمْنَا بِأَمْرِكَ نَهَارَهُ، وَقُمْنَا بِعَوْنِكَ لَيْلَهُ مُتَعَرِّضِينَ
بِصِيَامِهِ وَقِيَامِهِ لِمَا عَرَّضْتَنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِـكَ، وَتَسَبَّبْنَا
إلَيْـهِ مِنْ مَثُوبَتِكَ، وَأَنْتَ الْمَليءُ بِمَا رُغِبَ فِيهِ إلَيْكَ، الْجَوَادُ
بِمـا سُئِلْتَ مِنْ فَضْلِكَ، الْقَـرِيبُ إلَى مَنْ حَـاوَلَ قُرْبَكَ،
وَقَدْ
أَقَامَ فِينَا هَذَا الشَّهْرُ مَقَامَ حَمْد وَصَحِبَنَا صُحْبَةَ مَبْرُور، وَأَرْبَحَنَا
أَفْضَلَ أَرْبَاحِ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ قَدْ فَارَقَنَا عِنْدَ تَمَامِ وَقْتِهِ
وَانْقِطَاعِ مُدَّتِهِ وَوَفَاءِ عَدَدِهِ، فَنَحْنُ مُوَدِّعُوهُ وِدَاعَ مَنْ عَزَّ
فِرَاقُهُ عَلَيْنَا وَغَمَّنَا وَأَوْحَشَنَا انْصِرَافُهُ عَنَّا وَلَزِمَنَا لَهُ
الذِّمَامُ الْمَحْفُوظُ، وَالْحُرْمَةُ الْمَرْعِيَّةُ، وَالْحَقُّ الْمَقْضِيُّ،
فَنَحْنُ قَائِلُونَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا شَهْرَ اللهِ الاكْبَرَ، وَيَا عِيْدَ
أَوْلِيَائِهِ.
السَّلاَمُ
عَلَيْكَ يَـا أكْرَمَ مَصْحُـوب مِنَ الاوْقَاتِ، وَيَا خَيْرَ شَهْر فِي الايَّامِ
وَالسَّاعَاتِ.
السَّلاَمُ
عَلَيْكَ مِنْ شَهْر قَرُبَتْ فِيهِ الامالُ وَنُشِرَتْ فِيهِ الاَعْمَالُ.
السَّلاَمُ
عَلَيْكَ مِنْ قَرِين جَلَّ قَدْرُهُ مَوْجُوداً، وَأَفْجَعَ فَقْدُهُ مَفْقُوداً،
وَمَرْجُوٍّ آلَمَ فِرَاقُهُ.
السَّلاَمُ
عَلَيْكَ مِنْ أَلِيف آنَسَ مُقْبِلاً فَسَرَّ، وَأَوْحَشَ مُنْقَضِياً فَمَضَّ. السَّلاَمُ
عَلَيْكَ مِنْ مُجَاوِر رَقَّتْ فِيهِ الْقُلُوبُ، وَقَلَّتْ فِيهِ الذُّنُوبُ.
السَّلاَمُ
عَلَيْكَ مِنْ نَاصِر أَعَانَ عَلَى الشَّيْطَانِ وَصَاحِب سَهَّلَ سُبُلَ الاحْسَانِ.
أَلسَّلاَمُ
عَلَيْكَ مَا أكْثَرَ عُتَقَاءَ اللهِ فِيكَ وَمَا أَسْعَدَ مَنْ رَعَى حُرْمَتَكَ
بكَ!.
أَلسَّلاَمُ
عَلَيْكَ مَا كَانَ أَمْحَاكَ لِلذُّنُوبِ، وَأَسْتَرَكَ لِاَنْوَاعِ الْعُيُوبِ!
أَلسَّلاَمُ
عَلَيْكَ مَا كَانَ أَطْوَلَكَ عَلَى الْمُجْرِمِينَ، وَأَهْيَبَكَ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ!
أَلسَّلاَمُ
عَلَيْكَ مِنْ شَهْر لا تُنَافِسُهُ الايَّامُ.
أَلسَّلاَمُ
عَلَيْكَ مِنْ شَهْر هُوَ مِنْ كُلِّ أَمْر سَلاَمٌ.
أَلسَّلاَمُ
عَلَيْكَ غَيْرَ كَرِيهِ الْمُصَاحَبَةِ وَلاَ ذَمِيمِ الْمُلاَبَسَةِ.
أَلسَّلاَمُ
عَلَيْكَ كَمَا وَفَدْتَ عَلَيْنَا بِالْبَرَكَاتِ، وَغَسَلْتَ عَنَّا دَنَسَ الْخَطِيئاتِ.
أَلسَّلاَمُ
عَلَيْكَ غَيْرَ مُوَدَّع بَرَماً وَلاَ مَتْرُوك صِيَامُهُ سَأَماً.
أَلسَّلاَمُ
عَلَيْكَ مِنْ مَطْلُوبِ قَبْلَ وَقْتِهِ وَمَحْزُون عَلَيْهِ قَبْلَ فَوْتِهِ.
أَلسَّلاَمُ
عَلَيْكَ كَمْ مِنْ سُوء صُرِفَ بِكَ عَنَّا وَكَمْ مِنْ خَيْر اُفِيضَ بِكَ عَلَيْنَا.
أَلسَّلاَمُ
عَلَيْـكَ وَعَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر.
أَلسَّلاَمُ
عَلَيْكَ ما كَانَ أَحْرَصَنَا بِالامْسِ عَلَيْكَ وَأَشَدَّ شَوْقَنَا غَدَاً إلَيْكَ.
أَلسَلاَمُ
عَلَيْكَ وَعَلَى فَضْلِكَ الَّذِي حُرِمْنَاهُ، وَعَلَى مَاض مِنْ بَرَكَاتِكَ سُلِبْنَاهُ.
أَللَّهُمَّ
إنَّا أَهْلُ هَذَا الشَّهْرِ الِّذِي شَرَّفْتَنَا بِهِ وَوَفّقتَنَا بِمَنِّكَ لَهُ
حِينَ جَهِلَ الاَشْقِيَاءُ وَقْتَهُ وَحُرِمُوا لِشَقَائِهِم فَضْلَهُ، أَنْتَ وَلِيُّ
مَا اثَرْتَنَا بِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ، وَهَدَيْتَنَا مِنْ سُنَّتِهِ، وَقَدْ تَوَلَّيْنَا
بِتَوْفِيقِكَ صِيَامَهُ وَقِيَامَهُ عَلى تَقْصِير، وَأَدَّيْنَا فِيهِ قَلِيلاً مِنْ
كَثِيـر.
اللَّهُمَّ
فَلَكَ الْحمدُ إقْـرَاراً بِـالاسَاءَةَ وَاعْتِرَافاً بِالاضَاعَةِ، وَلَك مِنْ قُلُوبِنَا
عَقْدُ النَّدَمِ، وَمِنْ أَلْسِنَتِنَا صِدْقُ الاعْتِذَارِ، فَأَجِرْنَا عَلَى مَا
أَصَابَنَا فِيهِ مِنَ التَّفْرِيطِ أَجْرَاً نَسْتَدْركُ بِهِ الْفَضْلَ الْمَرْغُوبَ
فِيهِ، وَنَعْتَاضُ بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الذُّخْرِ الْمَحْرُوصِ عَلَيْهِ، وَأَوْجِبْ
لَنَا عُذْرَكَ عَلَى مَا قَصَّرْنَا فِيهِ مِنْ حَقِّكَ، وَابْلُغْ بِأَعْمَارِنَا
مَا بَيْنَ أَيْديْنَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُقْبِلِ، فَإذَا بَلَّغْتَنَاهُ فَأَعِنَّا
عَلَى تَنَاوُلِ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ مِنَ الْعِبَادَةِ وَأَدِّنَا إلَى الْقِيَامِ
بِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الطَّاعَةِ وَأجْرِ لنا مِنْ صَالِحِ العَمَلِ مَا يَكون
دَرَكاً لِحَقِّكَ فِي الشَّهْرَيْنِ مِنْ شُهُورِ الدَّهْرِ.
أللَّهُمَّ
وَمَا أَلْمَمْنَا بِهِ فِي شَهْرِنَا هَذَا مِنْ لَمَم أَوْ إثْم، أَوْ وَاقَعْنَا
فِيهِ مِنْ ذَنْبِ وَاكْتَسَبْنَا فِيهِ مِنْ خَطِيئَة عَلَى تَعَمُّد مِنَّا أَوِ
انْتَهَكْنَا بِهِ حُرْمَةً مِنْ غَيْرِنَا فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاسْتُرْنَا
بِسِتْرِكَ، وَاعْفُ عَنَّا بِعَفْوِكَ، وَلاَ تَنْصِبْنَا فِيهِ لاِعْيُنِ الشَّامِتِينَ،
وَلاَ تَبْسُطْ عَلَيْنَا فِيهِ أَلْسُنَ الطَّاغِينَ، وَاسْتَعْمِلْنَا بِمَا يَكُونُ
حِطَّةً وَكَفَّارَةً لِمَا أَنْكَرْتَ مِنَّا فِيهِ بِرَأْفَتِكَ الَّتِي لاَ تَنْفَدُ،
وَفَضْلِكَ الَّذِي لا يَنْقُصُ.
أللَّهُمَّ
صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاجْبُرْ مُصِيبَتنَا بِشَهْرِنَا وَبَارِكْ فِي يَوْمِ
عِيْدِنَا وَفِطْرِنَا وَاجْعَلْهُ مِنْ خَيْرِ يَوْم مَرَّ عَلَيْنَا أَجْلَبِهِ لِعَفْو،
وَأَمْحَاهُ لِذَنْبِ، وَاغْفِرْ لَنا ما خَفِيَ مِنْ ذُنُوبِنَا وَمَا عَلَنَ.
أللَّهُمَّ
اسلَخْنَا بِانْسِلاَخِ هَذَا الشَّهْرِ مِنْ خَطَايَانَا وَأَخْرِجْنَا بُخُرُوجِهِ
مِنْ سَيِّئاتِنَا وَاجْعَلْنَا مِنْ أَسْعَدِ أَهْلِهِ بِهِ وَأَجْزَلِهِمْ قِسَمَاً
فِيـهِ وَأَوْفَـرِهِمْ حَظّاً مِنْـهُ.
أللّهُمَّ
وَمَنْ رَعَى حَقّ هَذَا الشَّهْرِ حَقَّ رِعَايَتِهِ وَحَفِظَ حُرْمَتَهُ حَقَّ حِفْظِهَا
وَقَامَ بِحُدُودِهِ حَقَّ قِيَامِهَا، وَأتَّقَى ذُنُوبَهُ حَقَّ تُقَاتِهَا أَوْ
تَقَرَّبَ إلَيْكَ بِقُرْبَة أَوْجَبَتْ رِضَاكَ لَهُ وَعَطَفَتْ رَحْمَتَكَ عَلَيْهِ،
فَهَبْ لَنَا مِثْلَهُ مِنْ وُجْدِكَ وَأَعْطِنَا أَضْعَافَهُ مِنْ فَضْلِكَ فَإنَّ
فَضْلَكَ، لا يَغِيْضُ وَإنَّ خَـزَائِنَكَ لا تَنْقُصُ، بَـلْ تَفِيضُ وَإنَّ مَعَـادِنَ
إحْسَانِكَ لا تَفْنَى، وَإنَّ عَطَاءَكَ لَلْعَطَآءُ الْمُهَنَّا، أللَّهُمَّ صَلِّ
عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاكْتُبْ لَنَا مِثْلَ أجُورِ مَنْ صَامَهُ أَوْ تَعَبَّدَ
لَكَ فِيْهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
أللَّهُمَّ
إنَّا نَتُوبُ إلَيْكَ فِي يَوْمِ فِطْرِنَا الّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ عِيداً
وَسُـرُوراً. وَلاِهْلِ مِلَّتِكَ مَجْمَعاً وَمُحْتشداً مِنْ كُلِّ ذَنْب أَذْنَبْنَاهُ،
أَوْ سُوْء أَسْلَفْنَاهُ، أَوْ خَاطِرِ شَرٍّ أَضْمَرْنَاهُ، تَوْبَةَ مَنْ لاَ يَنْطَوِيْ
عَلَى رُجُوع إلَى ذَنْب وَلا يَعُودُ بَعْدَهَا فِي خَطِيئَة، تَوْبَةً نَصوحاً خَلَصَتْ
مِنَ الشَّكِّ وَالارْتِيَابِ، فَتَقَبَّلْهَا مِنَّا وَارْضَ عَنَّا وَثَبِّتنَا عَلَيْهَا.
أللَّهُمَّ
ارْزُقْنَا خَوْفَ عِقَابِ الْوَعِيدِ، وَشَوْقَ ثَوَابِ الْمَوْعُودِ حَتّى نَجِدَ
لَذَّةَ مَا نَدْعُوكَ بِهِ، وكَأْبَةَ مَا نَسْتَجِيْرُكَ مِنْهُ، وَاجْعَلْنَا عِنْدَكَ
مِنَ التَّوَّابِيْنَ الَّذِينَ أَوْجَبْتَ لَهُمْ مَحَبَّتَكَ، وَقَبِلْتَ مِنْهُمْ
مُرَاجَعَةَ طَاعَتِكَ، يَا أَعْدَلَ الْعَادِلِينَ.
أللَّهُمَّ
تَجَاوَزْ عَنْ آبآئِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَأَهْلِ دِيْنِنَا جَمِيعاً مَنْ سَلَفَ
مِنْهُمْ وَمَنْ غَبَرَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
أللَّهُمَّ
صَلِّ عَلَى مُحَمَّد نَبِيِّنَا وَآلِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ.
وَصَلِّ
عَلَيْهِ وَآلِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى أَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ، وَصَلِّ عَلَيْهِ
وَآلِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، وَأَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا
رَبَّ الْعَالَمِينَ، صَلاَةً تَبْلُغُنَا بَرَكَتُهَا، وَيَنَالُنَا نَفْعُهَا، وَيُسْتَجَابُ
لَنَا دُعَاؤُنَا، إنَّكَ أكْرَمُ مَنْ رُغِبَ إلَيْهِ وَأكْفَى مَنْ تُوُكِّلَ عَلَيْهِ
وَأَعْطَى مَنْ سُئِلَ مِنْ فَضْلِهِ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ. (4)
ويوجد
أدعية أخرى في وداع شهر رمضان تبلغ خمسة أدعية فمن أراد التوسّع فعليه بكتب الأدعية
المفصلة كمنهاج الجنان للسيد الكاشاني رحمه الله تعالى .
والحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
أقل
الطلبة / حسام آل سلاط - القطيف
--------------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
[1]
إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 1 ص 458 .
[2]
البقره : 185 .
[3]
انظر إقبال الأعمال للسيد ابن طاووس . ومفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي .
[4]
أدعية الصحيفة السجادية » الدعاء الخامس والاربعون: في وداع شهر رمضان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق