البحوث

  • المجتمع

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2024

الحسين،،، كنت نسمة محبة إلهية


بنفوس مطمئنة وقلوب مكلومة مسلّمين لأمر الله راضين بقضاء فقدنا الشاب النقي حسين ميثم،،، 

▪️ولدي الحبيب رسمناك صورة شاب واعد تنسج مرايا الفكر وتزيّنها بجمال الروح،،، هكذا كنّا نراك ولدي الحبيب الحسين تترسّم خطى أبيك وجدك وجدتك،،، لتضيف على ساحة المعرفة شخصية إيمانية عاشقة للقيم مفعمة باللطف 



▪️هكذا تأملنا لك ولكن ما أذخره الله أجمل وأعلى وأبقى، فالنفوس الطاهرة محلها الملأ الأعلى ومسكنها فردوس 
القرب وجنة الرضوان، لا دنيا الهموم والغموم 

▪️ ولدي الحبيب حين وقعت عيني على الخبر كانت النفس تطوي ليلها في وجعٍ وتسهّدها الآم حالة والديك كيف وأنت معقد آمالهما ولكن بين كل زفرة وحسرة على فقدك يا ولدي تذكرت أن إيمان والديك ليس إيمان محفوظات بل إيمان يقين قلبي وتجلت لي (إنا لله وإنا إليه راجعون ) فرأيت 
🔅إنا لله هي بلسم لمن يرى مالكية الله تعالى، 

🔅إنا لله هي تسليم من يرى حكمة الله وحسن تدبيره،

🔅إنا لله هي حياة للمسلّمين لأمره وأنتم ووالداك المؤمنين من هؤلاء الصالحين،، 

▪️نعم تعجز الكلمات وتنزف وجعاً لا يوصف مع كل نبضة، فالحدث فادح والفقد أذهل الفؤاد،،، ولكن حسبنا أن لله حكمة تخفى علينا ونسلّم له فيوالي علينا صلواته ورحماته،،

▪️ياولدي الحسين كل اللحظات التي مرت منذ تلقي الخبر كانت صعبة مرة  وانعقد لساني عن الكلام حيث لم يفارق أبوك الحبيب ميثم قلبي،،، ولكن مقام التسليم أن نقول معتقدين : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،،، 


▪️ولدي الحبيب إنها لحظات بوحٍ إذ في ليلة الخميس ليلة شهادة الزهراء عليها السلام 3 جمادى الثاني والمجلس الفاطمي يضج ألماً من محبيها كانت جالساً أمام المنبر مباشرة وكلما رفعت رأسي رأيتك موجوعاً على مصابها وفي عينيك الدامعتين الآف الحكايا التي تخيفها ولكن تجلى سرها حين وقع خبر رحيك على قلوبنا يوم السبت ليلة الأحد 5 جمادى الثاني وحسبنا أنك تعجلت اللحاق بسادتك شوقاً للثواب والجوار للأطهار عليهم السلام،،،

▪️ولدي الحسين كنت مثالاً للشاب الصالح والعاشق لسادته الطاهرين النقي في منهجه ومن كانت هذه حياته فلا يخشى عليه إذ من عشقهم هم شفعاؤه والصديقة البتول عليها السلام التي ختم حياته بأيامها ومجالس عزاءها هي الشافعة والمبلسمة لقلوب غالية مكلومة.. وإنه لامتحان يتناسب وعظمة إيمان والدك الحبيب ميثم وإيمان والدتك المؤمنة الصابرة والجدان المؤمنان والوالدة الغالية خادمة أهل البيت عليهم السلام أم ميثم عافاها الله وشافاها بحق محمد وآله الطاهرين 


لروح الشاب المؤمن حسين ابن أخينا الحبيب الصالح أ. ميثم الشيخ حسن آل خليف الرحمة والرضوان مشفوعة بالفاتحة. 

الأحد، 9 يونيو 2024

🔅أثر الاسم على المتسمي به


بسم الله الرحمن الرحيم 

🔅أثر الاسم على المتسمي به

 🔸مقدمة :

يعتبر الاسم من الأمور التي لا يمكن الاستغناء عنها , أو فصلها عن الأشياء , وهي أما أن تعيّن من قبل شخص بوضع اللفظ على المعنى , أو تتعين بالاستعمال أي أن اللفظ إن استعمل في معنى ومضى عليه زمان يتعين في ذلك المعنى .
ومما لا جدال فيها أن لكل شيء اسم يخصه , ولا يوجد شيء  بلا اسم , بل يتعجب المرء إن رأى شيئا مجرداً عن أي اسم , ومن هنا نرى الحرص على تسمية الأشياء بأسمائها لأنها تعكس صورته في ذهن السامع بمجرد سماع الاسم .
ومن الأسماء التي لا يمكن أن تنفصل أسماء الإنسان , فلكل إنسان اسم يخصه ويعود إليه , حتى أنك تستنكر على من لا اسم له بقولك : كيف تكون بلا اسم , فهل يؤثر الاسم  على صاحبه ؟

هذه المسألة تحتاج إلى بحث يشتمل على الجوانب النفسية والاجتماعية والروحية والروائية لنستخلص الحقيقة وندركها تماماً .

✒وقد طُلب مني أن أكتب بحثاً حول هذا الموضوع ولكن لضيق الفترة المحددة وكثرة الانشغالات أطرح عدة نقاط آملاً معاودة البحث بشكل أعمق .

💡الاسم في اللغة :

عرّفه الزمخشري في " المفصل " : الاسم ما دل على معنى في نفسه دلالة مجردة عن الاقتران .

أي عندما نطلق الاسم على شيء تنطبع صورة ذلك الشيء في الذهن , ولا حاجة إلى القرينة الكاشفة عن حقيقة المسمى , بل يتبادر إلى الذهن مباشرة , هذا تعريف من تعريفات الاسم وعليه اعتراضات نعرض عنها لعدم مناسبة المقام.
 وعرّفه ابن الحاجب : " بأنه ما دل على معنى في نفسه " . 


💡جهة تأثير الاسم
أثر الاسم كأثر الرائحة المنتشرة في مكان إن كانت طيبة طيبت المكان وإن كان غير طيبة أفسدت رائحة المكان , فالعطر الطيب يؤثر وتعلق رائحته في الأشياء ولو كان العطر قليل أو رائحته ضعيفة , وإن كانت قوية أنعشت المكان.

والاسم لا يقل أثراً عن النفس بل النفس أكثر تؤثراً من الأماكن لأنها حساسة جداً تتأثر بكل ما حولها فكيف لو كان الاسم يدل على نفس الإنسان .

والبشر يفرحهم الاسم الجميل ويسعدهم جداً , وهذا طبع البشر , والتاريخ مليء بالكثير من القصص والحوادث التي تدل على تفاؤلهم بالأسماء الجميلة من ذلك مثلاً :
 فقد النبي محمّد صلّى الله عليه وآله أمه في أيام رضاعه ، ولم يقبل ثدي مرضعة قط ، وكان هذا مبعث حزن وألم في البيت الهاشمي... إلى أن جاءت حليمة السعدية فعرضت ثديها عليه فقبله وتكفلت برضاعه ، عندئذ عم البيت السرور والفرح إلى أقصى حد فقال عبد المطلب مخاطباً إياها.
 ـ من أين أنتِ ؟ 
 قالت : امرأة من بني سعد. 
 قال : ما اسمك ؟ 
 قالت : حليمة. 
 قال : بخ بخ ، خُلقان حسنتان... سعدٌ وحلم (1) .


🔑وأما جهة تأثير الاسم على صاحبه فهو من جهات متعددة : 
الجهة النفسية .
الجهة الذهنية .
الجهة الروحية. 

أما من الجهة النفسية :
من المعروف أن الإنسان يتأثر بما يسمع من الآخرين فالكلام الطيب يعكس أثراً طيباً على النفس والعكس كذلك ,
فلو سمع الإنسان كلاماً طيباً لطيفاً من شخص آخر ألا يتأثر به ؟ 
بالتأكيد فالنفس البشرية بغض النظر عن دينها واعتقادها تتأثر بالكلام وترتب عليه الأثر , فقد يتأثر إنسان بكلمة واحدة فقط وتغير مسير حياته   وتبدل معتقداته ونمط تفكيره , إذن نحن لا ننكر أثر الكلام على الحالة النفسية للإنسان , فالحوادث الكثيرة التي تعج بها الصحافة المحلية والعربية والاجنبية تثبت صحة هذه المقولة بأن الإنسان شاء أو أبى يتأثر بما يسمع سلباً أو إيجاباً.

وكما يقول أحد الكُتّاب : (  فكما أن الهندام غير المتزن ، والأعضاء الناقصة ، والمنظر الكريه سبب للشعور بالحقارة ، ويؤدي ذلك غالباً إلى نشوء عقدة نفسية ، كذلك الاسم القبيح واللقب الكريه ، والنسبة المستهجنة فإن ذلك كله يدعو إلى نشوء عقدة الحقارة.
 ولو فرضنا أن 99% من أفراد المجتمع كانوا خليقين متزنين لا يجرحون عواطف هؤلاء ولا يحتقرونهم ، فإن الـ 1% الباقية لم تربّ تربية حسنة تكفي في إيذائهم بالاستهزاء والإهانة ).

فالكلام القبيح يؤذي النفس البشرية ويجعلها تدخل في حالات تتفاوت من شخص إلى آخر , والكلام الجميل ينعش النفس الإنسانية ويسعدها ولو للحظة .

فإذن الجهة النفسية لا يمكن إنكار تأثرها إطلاقاً بكلمة عابرة فكيف باسم  الإنسان الذي يتكرر كل يوم على مسامع صاحبه , ألا تنطبع إنطباعات على صاحبه بحسب نوع الاسم ؟ ! 

فأثر الإسم إن كان قابلاً للسخرية والاستهزاء على نفسية الطفل أنه قد يخلق عنده عقدة بالحقارة تلازمه حتى يكبر وتتضخم مع الأيام إن لم تجد لها العلاج الناجع .
وأما عقدة الحقارة فتشمل أموراً كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر ما يذهب له بعض الباحثين من المختصين في علم النفس بقول بعضهم : 
« تشمل عقدة الحقارة جميع المظاهر التي ظهر بها عدم الاعتماد على النفس ، والشعور بضعف الشخصية ، وعدم الكفاءة ، وفقدان الإرادة. 
إن الطفل الذي يبتلى بالشعور بالحقارة عندما يشب يلزم سيرة الوحدة والانزواء أو لا أقل من أن يوجد عنده الشعور بالغربة والابتعاد عن أقرانه ، لأن الوقائع والحوادث في دور الطفولة أفهمته أن الألفة والاجتماع مع الغير هو الذي جلب له السخرية والانتفاد.
 إن الذي يتجنب أقاربه وأترابه يقودنا إلى أنه معذّب من الشعور بحقارة وجدت فيه من تجاربه في الطفولة. 
ولهذا ـ وبناء على قواعد علم النفس ـ فإن كل حادثة تضعف أو تعدم عزة النفس عند الإنسان ، وتقلّل من طموحه عامل مهم لتوسعة ( عقدة الحقارة ) وتقويتها ووسيلة لجعله بين الأعضاء المختلين وضعاف النفوس في المجتمع».

فهل بعد هذا البيان بيان ؟ 

الجهة الذهنية :
تعريف العقل كما يعرفه الراغب الأصفهاني كتابه ( المفردات ) في مادة ( عقل ) : ( العقل : يقال للقوة المتهيئة لقبول العلم ، ويقال للعلم الذي يستفيده الإنسان ) .
فذهن الإنسان الذي يقوم بقبول العلم ويستفيده يخضع لعوامل تؤثر عليه سلباً وإيجاباً , والمتابعون والدارسون لحالات الإنسان يؤكدون على أن هنالك تلازم بين ما يسمعه من كلام وطبيعة تفكيره , فما يسمعه من كلام ينطبع على تفكير الإنسان .
فلو كان الأب ينادي ابنه طوال الوقت ( أنت غبي ) فإن ذلك ينعكس مع الأيام على ذهن وتفكير الولد , فقد اثبتت الدراسات التربوية أن للكلام أثر كبير جداً .
 هل جميعنا يعلم أهمية البذور التي نزرعها في عقول أبنائنا إنها العبارات والكلمات التي يتلقاها أبناؤنا؟ تلك البذور التي سوف تنمو وتشكل الصورة الذاتية التي يحملها الطفل لنفسه والتي سوف تشكل في نهاية المطاف جزءاً من شخصيته.

فالعديد من العبارات نسمعها داخل الملايين من البيوت تجاه أطفالهم: «أنت كسول» «أنت شديد الأنانية» «أنت غبيٌ» «أنت ميؤسٌ منك» «أنت إنسان سيئ مثل فلان تماماً» إن مثل هذه العبارات تسري في نفس الطفل كالتنويم المغناطيسي وتتحكم في تصرفاته لا شعورياً .

وقد ذكر العلماء على صعيد الأثر الذهني عدة أمور منها :
أن العقل يتذكر كل ما يحدث، فقد دعمت الأبحاث أن كل شيء، كل مشهد، كل صوت، كل كلمة، تختزن داخل عقل الإنسان إلى الأبد، مصحوباً بالأحاسيس بالرغم من أننا قد نجد صعوبة في التذكر، ولكن الذكريات موجودة وتؤثر على حياتنا.

السمع اللا شعوري:
فقد اكتشف العلماء أن السمع يتكون من جزئين، الأول: ما تلتقطه أذنك، والثاني ما تنتبه إليه بشكل واع.
لأن هناك أدلة تشير إلى أن الأصوات والعبارات يتم حفظها حتى أثناء الأحلام والنوم . لذلك علينا أن نراقب جيداً ما نقوله عن أطفا لنا ، لأن الطفل يستطيع حتى قبل أن يتحدث بشهور أن يتابع أغلب حديثك، لذلك علينا أن نشرع في استخدام هذه القناة كي تدعمهم لا كي تحبطهم .

فكيف إن كان ذلك الكلام هو اسمه الذي يرافقه أينما حل وارتحل , تنطبع في ذاكرته وعلى عقله .
فسمع الإنسان أسبق من رؤيته , وهو سريع التأثير عليه , فاختزان الأسماء والكلمات في الذاكرة تبقى إلى الأبد معه يستحضرها مع الأيام والأحداث .

الجهة الروحية : 
مما لا ريب فيه أن الأسماء لا تعدو كونها مجرد ألفاظ وإن كانت حسنة وجميلة وهي لوحدها غير كافية في سعادة الإنسان , والمقصود من الروايات هو أن للأسماء الحسنة آثار إيجابية في النفس والمجتمع بحيث  يمكن للمتسمي بها السمو إلى أخلاق النبي والأئمة (ع) وتمهيد طريقه إلى الجنة .

والنكتة المستنبطة في التسمية هي أن اسم كل شخص وبأي معنى كان يجدد للشخص نفسه – بالاستعمال المكرر – ذكريات خاصة , ولا يخلو ذلك من فائدة قد تنعكس على سعادته أو شقاوته .

ولا شك أن لكل فعل وتصرف واسم أثر على الروح , فالاسم الحسن يؤثر أثراً حسناً على روح صاحبه والأدلة على ذلك كثيرة من خلال روايات آل محمد (ع) من ذلك مثلاً ما يرويه أبو هارون وهو من أصحاب الصادق (ع) :  

🌴روى محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن أبي هارون مولى آل جعدة قال : كنت جليسا لأبي عبد الله عليه السلام بالمدينة ففقدني أياما ثم إني جئت إليه فقال لي : لم أرك منذ أيام يا أبا هارون ، فقلت : ولد لي غلام ، فقال : بارك الله فيه فما سميته ؟ قلت : سميته محمدا قال : فأقبل بخده نحو الأرض وهو يقول : ( محمد محمد محمد حتى كاد يلصق خده بالأرض ثم قال : بنفسي وبولدي وبأهلي وبأبوي وبأهل الأرض كلهم جميعا الفداء لرسول الله صلى الله عليه وآله ، لا تسبه ولا تضربه ولا تسئ إليه ، واعلم أنه ليس في الأرض دار فيها اسم محمد ، إلا وهي تقدس كل يوم ، ثم قال لي : عققت عنه قال : فأمسكت قال : وقد رآني حيث أمسكت ظن أني لم أفعل فقال : يا مصادف ادن مني ، فوالله ما علمت ما قال له إلا أني ظننت أنه قد أمر لي بشيء فذهبت لأقوم فقال لي : كما أنت يا أبا هارون  فجاءني مصادف بثلاثة دنانير ، فوضعها في يدي فقال : يا أبا هارون اذهب فاشتر كبشين واستسمنهما   وأذبحهما وكل وأطعم ).

✅ فتأمل الرواية جيداً تجدها مليئة بالكثير من الدروس التربوية والروحية من حيث كيفية التعامل معه , وتشجيع الإمام المعصوم بعد النبي (ع) على الاسم الحسن الجميل وعلى الأخص الأسماء المطهرة المباركة , وكيف يتعامل الإنسان مع صاحبها للنهوض بالجانب النفسي والروحي والذهني لخلق أشخاص يحملون الروح النقية التي ترتقي بالمجتمع من خلال الفرد . 

فاستحضار صاحب الاسم ذكريات المسمى الأساسي ينعكس عليه , لذا يستحب التسمي باسم محمد وعلي وآل محمد (ع) ويكره التسمي بأسماء أعداء الله ورسوله (ص) من ذلك ما رواه سعيد بن المسيب عن عمر عن الخطاب قال : ولد لاخى ام سلمة - زوج النبى صلى الله عليه ( وآله ) وسلم - غلام فسموه الوليد ، فقال النبى صلى الله عليه ( وآله ) وسلم : سميتموه باسم فراعنتكم في هذه الامة رجل يقال له الوليد ، هو شر على هذه الامة من فرعون  لقومه ) .

ومن جهة ثانية فإن أشرف الخلق محمد وآله (ص) قد اختار الله تعالى لهم أسمائهم , وهم علة الوجود , فلو كان أفضل خلق الله تعالى تليق بهم أسماء تناسب مقامهم لسماهم بها الله سبحانه .

🔹فكما نعرف أن الاسم له أثر على روح الإنسان فإن الاسم الكامل له أثر كبير على روح المرء , لذا فاختيار أسماء آل محمد (ص) له أثر واضح على هذا الإنسان , والروايات متظافرة في هذا المجال .

🔻وفي الختام ونظراً لطلب الأخوات بكتابة مقال في هذا المجال في وقت سريع نقتصر على هذا المقدار على أمل مواصلة البحث والتوسع فيه في وقت لاحق والسلام . 

🔵 بحث لسماحة الشيخ حسام آل سلاط تم نشره قبل سنوات في إحدى مجلات المنطقة  .

الثلاثاء، 21 مايو 2024

قبس من جمال الروح الرضوية

بسم الله الرحمن الرحيم 

قبس من جماليات الإمام الرضا (ع)
 
قال تعالى : ( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقنهم ينفقون (3) والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون (4) أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون

#اطلالة استلهامية : 
يمثل عنصر الإيمان بالغيب أحد الركائز الهامة في الأديان السماوية ، وفي الإسلام احتل هذا العنصر الصدارة وتفرعت عليه كثير من الاعتقادات ومنها الإمامة .
كلما تضاعف الإيمان بعنصر الغيب في حياة المؤمن زاد من الله تعالى قرباً ومعرفةً وثباتاً .
الإمامة بما هي منصب رباني هو نظام للملة وأمان من الفرقة حيث جعله الله تعالى طريقاً أوحدياً لبلوغ رضاه والفوز بقربه .
من أهم المظاهر التي تجلت في حياة ومسيرة الإمام الرضا (ع) هي عظمة عالم الغيب إذ كان يظهر ويتضاعف عبر العلم اللدني في كل ما يصدر عن الإمام الرضا (ع) من معارف أٌقر الجميع بأنها ليست من العلوم التحصيلية بل مصدرها غيبي إلهي .

أعظم المعاجر الرضوية هي معجزة العلم حيث كانت الدولة العباسية بكل تشكيلاتها تسعى وترصد ميزانية ضخمة لإطفاء نور الإمام الرضا (ع) فكان تجلي نور شمس الشموس .


#قبس من التفاسير : 
 يقول الشيخ مكارم في تفسيره الأمثل : " الغيب والشهود " نقطتان متقابلتان، عالم الشهود هو عالم المحسوسات، وعالم الغيب هو ما وراء الحس. لأن " الغيب " في الأصل يعني ما بطن وخفي.
وقيل عن عالم ما وراء المحسوسات " غيب " لخفائه عن حواسنا. التقابل بين العالمين مذكور في آيات عديدة كقوله تعالى: عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم (1).
الإيمان بالغيب هو بالضبط النقطة الفاصلة الأولى بين المؤمنين بالأديان السماوية، وبين منكري الخالق والوحي والقيامة. ومن هنا كان الإيمان بالغيب أول سمة ذكرت للمتقين.
المؤمنون خرقوا طوق العالم المادي، واجتازوا جدرانه، إنهم بهذه الرؤية الواسعة مرتبطون بعالم كبير لا متناه. بينما يصر معارضوهم على جعل الإنسان مثل سائر الحيوانات، محصورا في موقعه من العالم المادي. وهذه الرؤية المادية تقمصت في عصرنا صفات العلمية والتقدمية والتطورية!
لو قارنا بين فهم الفريقين ورؤيتهما، لعرفنا أن: " المؤمنين بالغيب " يعتقدون أن عالم الوجود أكبر وأوسع بكثير من هذا العالم المحسوس، وخالق عالم الوجود غير متناه في العلم والقدرة والإدراك، وأنه أزلي وأبدي. وأنه صمم هذا العالم وفق نظام دقيق مدروس. ويعتقدون أن الإنسان - بما يحمله من روح إنسانية - يسمو بكثير على سائر الحيوانات. وأن الموت ليس بمعنى العدم والفناء، بل هو مرحلة تكاملية في الإنسان، ونافذة تطل على عالم أوسع وأكبر.

بينما الإنسان المادي يعتقد أن عالم الوجود محدود بما نلمسه ونراه. وأن العالم وليد مجموعة من القوانين الطبيعية العمياء الخالية من أي هدف أو تخطيط أو عقل أو شعور. والإنسان جزء من الطبيعة ينتهي وجوده بموته، يتلاشى بدنه، وتندمج أجزاؤه مرة أخرى بالمواد الطبيعية. فلا بقاء للإنسان، وليس ثمة فاصلة كبيرة بينه وبين سائر الحيوانات (1)!

ما أكبر الهوة التي تفصل بين هاتين الرؤيتين للكون والحياة! وما أعظم الفرق بين ما تفرزه كل رؤية، من حياة اجتماعية وسلوك ونظام!
الرؤية الأولى تربي صاحبها على أن ينشد الحق والعدل والخير ومساعدة الآخرين. والثانية، لا تقدم لصاحبها أي مبرر على ممارسة الأمور اللهم إلا ما عاد عليه بالفائدة في حياته المادية. من هنا يسود في حياة المؤمنين الحقيقيين التفاهم والإخاء والطهر والتعاون، بينما تهيمن على حياة الماديين روح الاستعمار والاستغلال وسفك الدماء والنهب والسلب. ولهذا السبب نرى القرآن يتخذ من " الإيمان بالغيب " نقطة البداية في التقوى.

يدور البحث في كتب التفسير عن المقصود بالغيب، أهو إشارة إلى ذات الباري تعالى، أم أنه يشمل - أيضا - الوحي والقيامة وعالم الملائكة وكل ما هو وراء الحس؟ ونحن نعتقد أن الآية أرادت المعنى الشامل لكلمة الغيب، لأن الإيمان بعالم ما وراء الحس - كما ذكرنا - أول نقطة افتراق المؤمنين عن الكافرين، إضافة إلى ذلك، تعبير الآية مطلق ليس فيه قيد يحدده بمعنى خاص.

بعض الروايات المنقولة عن أهل البيت (عليهم السلام) تفسر الغيب في الآية، بالمهدي الموعود المنتظر (سلام الله عليه) والذي نعتقد بحياته وخفائه عن الأنظار، وهذا لا ينافي ما ذكرناه بشأن معنى الغيب، لأن الروايات الواردة في تفسير الآيات تبين غالبا مصاديق خاصة للآيات، دون أن تحدد الآيات بهذه المصاديق الخاصة، وسنرى في صفحات هذا التفسير أمثلة كثيرة لذلك.
 والروايات المذكورة بشأن تفسير معنى الغيب، تستهدف في الواقع توسيع نطاق معنى الإيمان بالغيب، ليشمل حتى الإيمان بالمهدي المنتظر (عليه السلام) ويمكننا القول أن الغيب له معنى واسع قد نجد له بمرور الزمن مصاديق جديدة.

أما العلامة في تفسير الميزان فيقول في بحثه الفلسفي حول الآية : الإنسان البسيط في أوائل نشأته حين ما يطأ موطأ الحياة لا يرى من نفسه إلا أنه ينال من الأشياء أعيانها الخارجية من غير أن يتنبه أنه يوسط بينه وبينها وصف العلم ، ولا يزال على هذا الحال حتى يصادف في بعض مواقفه الشك أو الظن ، وعند ذلك يتنبه : أنه لا ينفك في سيره الحيوي ومعاشه الدنيوي عن استعمال العلم لا سيما وهو ربما يخطىء ويغلط في تميزاته ، ولا سبيل للخطإ والغلط إلى خارج الأعيان ، فيتيقن عند ذلك بوجود صفة العلم وهو الإدراك المانع من النقيض فيه. 

ثم البحث البالغ يوصلنا أيضا إلى هذه النتيجة ، فإن إدراكاتنا التصديقية تحلل إلى قضية أول الأوائل وهي أن الإيجاب والسلب لا يجتمعان معا ولا يرتفعان معا فما من قضية بديهية أو نظرية إلا وهي محتاجة في تمام تصديقها إلى هذه القضية البديهية الأولية ، حتى إنا لو فرضنا من أنفسنا الشك فيها وجدنا الشك المفروض لا يجامع بطلان نفسه وهو مفروض ، وإذا ثبتت هذه القضية على بداهتها ثبت جم غفير من التصديقات العلمية على حسب مساس الحاجة إلى إثباتها ، وعليها معول الإنسان في أنظاره وأعماله. 

فما من موقف علمي ولا واقعة عملية إلا ومعول الإنسان فيه على العلم ، حتى أنه إنما يشخص شكه بعلمه أنه شك ، وكذا ظنه أو وهمه أو جهله بما يعلم أنه ظن أو وهم أو جهل هذا. 
ولقد نشأ في عصر اليونانيين جماعة كانوا يسمون بالسوفسطائيين نفوا وجود العلم ، وكانوا يبدون في كل شيء الشك حتى في أنفسهم وفي شكهم ، وتبعهم آخرون يسمون بالشكاكين قريبو المسلك منهم نفوا وجود العلم عن الخارج عن أنفسهم وأفكارهم إدراكاتهم وربما لفقوا لذلك وجوها من الاستدلال. 

منها : أن أقوى العلوم والإدراكات وهي الحاصلة لنا من طرق الحواس مملوءة خطأ وغلطا فكيف بغيرها؟ ومع هذا الوصف كيف يمكن الاعتماد على شيء من العلوم والتصديقات المتعلقة بالخارج منا؟ ومنها : أنا كلما قصدنا نيل شيء من الأشياء الخارجية لم ننل عند ذلك إلا العلم به دون نفسه فكيف يمكن النيل لشيء من الأشياء؟ إلى غير ذلك من الوجوه. 

والجواب عن الأول : أن هذا الاستدلال يبطل نفسه ، فلو لم يجز الاعتماد على شيء من التصديقات لم يجز الاعتماد على المقدمات المأخوذة في نفس الاستدلال ، مضافا إلى أن الاعتراف بوجود الخطإ وكثرته اعتراف بوجود الصواب بما يعادل الخطأ أو يزيد عليه ، مضافا إلى أن القائل بوجود العلم لا يدعي صحة كل تصديق بل إنما يدعيه في الجملة ، وبعبارة أخرى يدعي الإيجاب الجزئي في مقابل السلب الكلي والحجة لا تفي بنفي ذلك. 

والجواب عن الثاني : أن محل النزاع وهو العلم حقيقته الكشف عن ما وراءه فإذا فرضنا أنا كلما قصدنا شيئا من الأشياء الخارجية وجدنا العلم بذلك اعترفنا بأنا كشفنا عنه حينئذ ، ونحن إنما ندعي وجود هذا الكشف في الجملة ، ولم يدع أحد في باب وجود العلم : أنا نجد نفس الواقع وننال عين الخارج دون كشفه ، وهؤلاء محجوجون بما تعترف به نفوسهم اعترافا اضطراريا في أفعال الحياة الاختيارية وغيرها ، فإنهم يتحركون إلى الغذاء والماء عند إحساس ألم الجوع والعطش ، وكذا إلى كل مطلوب عند طلبه لا عند تصوره الخالي ، ويهربون عن كل محذور مهروب عنه عند العلم بوجوده لا عند مجرد تصوره ، وبالجملة كل حاجة نفسانية ألهمتها إليهم إحساساتهم أوجدوا حركة خارجية لرفعها ولكنهم عند تصور تلك الحاجة من غير حاجة الطبيعة إليها لا يتحركون نحو رفعها ، وبين التصورين فرق لا محالة ، وهو أن أحد العلمين يوجده الإنسان باختياره ومن عند نفسه والآخر إنما يوجد في الإنسان بإيجاد أمر خارج عنه مؤثر فيه ، وهو الذي يكشف عنه العلم ، فإذن العلم موجود وذلك ما أردناه. 




الإمام الرضا (ع) وصناعات الجذب لعالم الغيب : 

تميّز الإمام الرضا (ع) بأنه جذب القلوب ناحية الدين الإسلامي والقيم المحمدية ، والخصال المعصومية ، فكان بحق أنيس النفوس . 
تميّز منهج الإمام الرضا (ع) بأن رأفته ظاهرة تمام الظهور ، وكما يقول العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي (قدس) :
إنّ لكلّ الأئمة (عليهم السلام) ، ألطافاً وعناية ، إلّا أنّ ما يميّز لطف الإمام الرضا (عليه السلام) / أنّه يكون ملموساً ومحسوساً من قبل الإنسان.
ويضيف في مكان آخر : كلّ الأئمة (عليهم السلام) ، رؤوفون لكن ما يميّز رأفة حضرة الإمام الرضا (عليه السلام) بأنّها تكون ظاهرة ، فعندما يدخل الإنسان إلى الحرم الرضوي يشاهد بأنّ الرأفة تشعّ حتّى من الجدران والأبواب.

صناعة العلم : 
إن الشيء البارز في شخصية الإمام الرضا ( عليه السلام ) هو إحاطته التامة بجميع أنواع العلوم والمعارف .

فقد كان ( عليه السلام ) - بإجماع المؤرخين والرواة - أعلمَ أهلِ زمانه ، وأفضلَهُم ، وأدراهُم بأحكام الدين ، وعلوم الفلسفة ، والطب ، وغيرها من سائر العلوم .

وقد تحدث أبو الصلت الهروي عن سعة علومه ( عليه السلام ) ، وكان مرافقاً له يقول : ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، ما رآه عالم إلا شهد له بمثل شهادتي .

وقد جمع المأمون في مجالس له عدداً من علماء الأديان ، وفقهاء الشريعة ، والمتكلمين ، فَغَلَبَهُم ( عليه السلام ) عن آخرهم ، حتى ما بقي منهم أحد إلا أقرَّ له بالفضل ، وأقرَّ له على نفسه بالقصور .
إذن ، فإن الإمام الرضا ( عليه السلام ) كان أعلم أهل زمانه ، كما كان المرجع الأعلى في العالم الإسلامي ، الذي يرجع إليه العلماء والفقهاء فيما خفي عليهم من أحكام الشريعة ، والفروع الفقهية .

ويقول إبراهيم بن العباس : ما رأيت الرضا ( عليه السلام ) يسأل عن شيء قَطّ إلا علم ، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان الأول إلى وقته وعصره ، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شيء ، فيجيب ( عليه السلام ) .

وقد دلت مناظراته ( عليه السلام ) في خراسان والبصرة والكوفة حيث سُئِل عن أعقد المسائل ، فأجاب ( عليه السلام ) عنها جواب العالم الخبير المتخصص .

وقد أذعنت له جميع علماء الدنيا - في عصره - وأقروا له بالفضل والتفوق عليهم .

وظاهرة أخرى له ( عليه السلام ) وهي إحاطته الشاملة بجميع اللغات ، ويَدلُّ على ذلك ما رواه أبو إسماعيل السندي قال :

سمعت بالهند أن لله في العرب حجة ، فخرجت في طلبه ، فَدُلِّلْتُ على الرضا ( عليه السلام ) .

فقصدته وأنا لا أحسن العربية ، فَسَلَّمتُ عليه بالسندية ، فَردَّ عليَّ بِلُغَتِي ، فجعلت أُكلِّمه بالسندية وهو يردُّ عليّ بها .

وقلت له : إني سمعت أن لله حجة في العرب فخرجت في طلبه ، فقال ( عليه السلام ) : ( أنا هو ) .

ثم قال ( عليه السلام ) لي : ( سَلْ عما أردته ) .

فسألته عن مسائل فأجابني عنها بِلُغَتِي ، وقد أكد هذه الظاهرة الكثيرون ممن اتصلوا بالإمام ( عليه السلام ) .

يقول أبو الصلت الهروي : كان الرضا ( عليه السلام ) يكلم الناس بلغاتهم ، فقلت له : في ذلك فقال : ( يا أبا الصلت أنا حجة الله على خلقه ، وما إن الله ليتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم ، أَوَ مَا بلغَكَ قول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أوتِينَا فَصلَ الخطاب ، وهل هو إلا معرفته اللغات ) .

أكد الإمام الرضا (ع) في صناعته للعلم على عدة أمور منها : 

الدقة العلمية
توجد الكثير من القصص في ذلك عقائدية وفقهية وأخلاقية وتربوية من ذلك ما ورد في كتاب الصفواني أنه قال الرضا (ع) لابن قرة النصراني: ما تقول في المسيح قال: يا سيدي انه من الله، فقال: ما تريد بقولك من؟ ومن على أربعة أوجه لا خامس لها أتريد بقولك من كالبعض من الكل فيكون مبعضا، أو كالخل من الخمر فيكون على سبيل الاستحالة، أو كالولد من الوالد فيكون على سبيل المناكحة، أو كالصنعة من الصانع فيكون على سبيل المخلوق من الخالق أو عندك وجه آخر فتعرفناه؟ فانقطع   . 
العلم طريق للدين ويتكامل معه : 
في حواراته العظيمة الباهرة كان العلم الرضوي مفتاحاً للقلوب التائهة والنفوس الضائعة فأرشدها بحنانه ولطفه وأنارها ببراهينه الناصعة وحديثه البديع الذي يحوي القلوب جمالاً وعطفاً . 
فكانت حواراته تتسم بأنها حوارات هادئة تقدّم علماً لتفتح للنفوس طريقاً لاحباً واضحاً لا يمكن نكرانه بحقانية الدين . 

الحوار الهادئ الرصين : 
أُتيحت له ( عليه السلام ) فرصة المناظرة مع المخالفين على اختلاف مذاهبهم ، فظهرَ بُرهانه ( عليه السلام ) وعلا شأنُه ، ويقف على ذلك من اطَّلع على مناظراته واحتجاجاته مع هؤلاء ، والأمثلة كثيرة منها : 

دخل أبو قُرَّة المحدِّث على أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) فقال : رَوينا أنَّ الله قسَّم الرؤية والكلام بَين نبيَّين ، فقسَّم لموسى ( عليه السلام ) الكلام ، ولِمُحمَّدٍ ( صلى الله عليه وآله ) الرؤية .

فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : ( فَمَنْ المُبَلِّغ عَنِ اللهِ إِلَى الثَّقَلَينِ الجِنَّ والإِنْس ، إنَّه : ( لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ) ـ الأنعام : 103 ـ وَ : ( لاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) ـ طه : 110 ـ وَ : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ) الشورى : 11 .

فقال أبو قُرةَّ : أَلَيسَ مُحمَّد ( صلى الله عليه وآله ) قال : ( بَلَى ، يَجِيءُ رَجُلٌ إلى الخَلْقِ جَميعاً ، فَيُخْبِرُهُم أنَّهُ جَاءَ مِنْ عِندِ اللهِ ، وَأنَّهُ يَدْعُوهُم إلى اللهِ ) ؟ .

فقال الإمام الرضا ( عليه السلام ) : ( فَكَيفَ بِأمْرِ اللهِ ؟ فيقول : ( لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ) ، وَ : ( لاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) ، وَ : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) .

ثم يقول : أنَا رأيْتُهُ بِعَينِي وأحَطْتُ بِهِ عِلْماً ، وَهو عَلَى صُورَةِ البَشَر ، أمَا تَستَحيُون ؟! مَا قَدرَتْ الزَّنَادِقَة أنْ تَرمِيهِ بِهَذا : أنْ يَكونَ آتياً عَنِ الله بِأمْرٍ ثُمَّ يَأتي بِخِلافِهِ مِنْ وَجْهٍ آخرٍ ) .

فقال أبو قرة : فإنه يقول : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ) النجم : 13 .

فقال الإمام الرضا ( عليه السلام ) : ( إنَّ بَعد هَذِه الآيَة مَا يَدُلُّ عَلى مَا رَأى ، حَيثُ قَالَ : ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ) النجم : 11.

يَقُولُ : مَا كَذَبَ فُؤَادُ مُحَمَّدٍ ( صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ ) مَا رَأَتْ عَيْنَاهُ ، ثُمَّ أخْبَرَ بِمَا رَأَى ، فقال : ( لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) النجم : 11 .

فآيَاتُ اللهِ غَيْرُ اللهِ ، وَقَالَ : ( لاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) ، فَإِذَا رَأتْهُ الأبْصَارُ فَقَدْ أحَاطَ بِهِ العِلْمُ ، وَوَقَعَتْ المَعْرِفَةُ ) .

فقال أبو قُرَّة : فَتكذِّب بالرواية ؟

فقال ( عليه السلام ) : ( إِذَا كَانَتِ الرِّوايَةُ مُخَالِفَةً للقُرآنِ كَذَّبْتُهَا ، وَمَا أجْمَعَ المُسلِمُونَ عَلَيه : إِنَّهُ لا يُحَاطُ بِهِ عِلْماً ، وَلا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ ، وَلَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ ) .
التعلّم وتجنب التعنّت : 
سطّر الإمام الرضا (ع) قيم السماء وطهرها ، وربّى الأمة على آداب العلم وقيمه الناصعة وحذّر من الغرور والجدل والتعنّت في العلم والتعلّم والجدال للغلبة وسوء الأدب ، والنماذج في ذلك كثيرة منها : 
عيون أخبار الرضا (ع): أبي وابن الوليد معا، عن محمد العطار وأحمد بن إدريس معا، عن الأشعري، عن ابن هاشم، عن داود بن محمد النهدي، عن بعض أصحابنا قال: دخل ابن أبي سعيد المكاري على الرضا عليه السلام فقال له: أبلغ الله من قدرك أن تدعي ما ادعى أبوك؟ فقال له: مالك أطفأ الله نورك وأدخل الفقر بيتك أما علمت أن الله عز وجل أوحى إلى عمران عليه السلام أني واهب لك ذكرا، فوهب له مريم، ووهب لمريم عيسى عليه السلام فعيسى من مريم ومريم من عيسى وعيسى ومريم عليهما السلام شئ واحد وأنا من أبي وأبي مني وأنا وأبي شئ واحد، فقال له ابن أبي سعيد فأسألك عن مسألة؟ فقال: لا إخالك تقبل مني ولست من غنمي، ولكن هلمها.
فقال: رجل قال عند موته: كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه الله عز وجل فقال: نعم، إن الله تبارك وتعالى يقول: في كتابه " حتى عاد كالعرجون القديم " (3) فما كان من مماليكه أتى له ستة أشهر فهو قديم حر. قال: فخرج الرجل فافتقر حتى مات، ولم يكن عنده مبيت ليلة. لعنه الله .

اقتران العلم بالتواضع : 
وهي مسألة مهمة في عصر التمدد المعلوماتي ، حيث يحتاج المؤمن للتواضع كحاجته للعلم ، حيث ذكرت كثير من القصص منها : 
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن الصلت، عن رجل من أهل بلخ قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) في سفره إلى خراسان فدعا يوما بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم فقلت: جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة؟ فقال: مه إن الرب تبارك وتعالى واحد والام واحدة والأب واحد والجزاء بالاعمال.
ما ذكر ابن الشهرزوري في مناقب الأبرار: ان معروف الكرخي كان من موالي علي بن موسى الرضا وكان أبواه نصرانيين فسلما معروفا إلى المعلم وهو صبي فكان المعلم يقول له: قل ثالث ثلاثة، وهو يقول: بل هو الواحد، فضربه المعلم ضربا مبرحا فهرب ومضى إلى الرضا (ع) وأسلم على يده، ثم إنه أتى داره فدق الباب فقال أبوه من بالباب؟ فقال: معروف، فقال: على أي دين؟ قال: على ديني الحنيفي، فأسلم أبوه ببركات الرضا. قال معروف: فعشت زمانا ثم تركت كلما كنت فيه إلا خدمة مولاي علي بن موسى الرضا عليه السلام.

صناعة العزة الإيمانية : 
مثّل الإمام الرضا (ع) العزة الإيمانية رغم الحصار المضروب عليه من قبل السلطة العباسية التي كانت ترصد أنفاسه وتحيطه بالتضييق وما خدعة ولاية العهد إلا لكي تحاصره وتجعله تحت الرصد الدقيق لفصله عن قواعده العامة في بلاد نائية في أقصى العالم الإسلامي حينها وهي مرو ، ورغم كل ذلك تجلت عزة الإمامة والإيمان بكل وضوح .
فقد أخبر الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن كثير من الملاحم والأحداث قبل وقوعها ، وتحققت بعد ذلك على الوجه الأكمل الذي أخبر ( عليه السلام ) به .
وهذا يؤكد - بصورة واضحة - أصالة ما تذهب إليه الشيعة من أن الله تعالى قد منح أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) المزيد من الفضل والعلم ، كما منح رُسله ( صلوات الله عليهم أجمعين ) ، ومن بين ما أخبر ( عليه السلام ) به ما يلي :

أولاً :روى الحسن بن بشار قال : قال الرضا ( عليه السلام ) : ( إن عبد الله - يعني المأمون - يقتل محمداً - يعني الأمين - ) .

فقلت له : عبد الله بن هارون يقتل محمد بن هارون .

قال ( عليه السلام ) : ( نعم ، عبد الله الذي بخراسان يقتل محمد بن زبيدة الذي هو ببغداد ) .

وكان يتمثل بهذا البيت :

وإن الضغن بعد الضغن يفشو عليك ويخرج الداء الدَّفينا

ولم تمضِ الأيام حتى قتل المأمون أخاه الأمين .

ثانياً :ومن بين الأحداث التي أخبر ( عليه السلام ) عنها : أنه لما خرج محمد بن الإمام الصادق ( عليه السلام ) بِمَكَّة ودعا الناس إلى نفسه ، وخلع بيعة المأمون ، قصده الإمام الرضا ( عليه السلام ) .

فقال له : يا عَم ، لا تُكَذِّب أباك ، ولا أخاك - يعني الإمام الكاظم ( عليه السلام ) - فان هذا الأمر لا يتم .

ثم خرج ولم يلبث محمد إلا قليلاً حتى لاحقته جيوش المأمون بقيادة الجلودي ، فانهزم محمد ومن معه ، ثم طلب الأمان ، فآمنه الجلودي .

ثم صعد المنبر وَخَلَع نفسه وقال : إن هذا الأمر للمأمون وليس لي فيه حق .

ثالثاً :روى الحسين نجل الإمام الكاظم ( عليه السلام ) قال : كُنَّا حول أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) ونحن شبان من بني هاشم ، إذ مَرَّ علينا جعفر بن عمر العلوي وهو رَثُّ الهيئة ، فنظر بعضنا إلى بعض وضحكنا من هيئته .

فقال الرضا ( عليه السلام ) : ( لَتَرَوُنَّهُ عن قريبٍ كثير المال ، كثير التبَع ) .

فما مضى إلا شهر ونحوه حتى وَلِيَ المدينة ، وَحَسُنَتْ حَالُه .


عيون أخبار الرضا (ع): الوراق والمكتب وحمزة العلوي والهمداني جميعا، عن علي عن أبيه، عن الهروي وحدثنا جعفر بن نعيم بن شاذان، عن أحمد بن إدريس، عن إبراهيم بن هاشم عن الهروي قال: رفع إلى المأمون أن أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يعقد مجالس الكلام، والناس يفتتنون بعلمه، فأمر محمد بن عمرو الطوسي حاجب المأمون فطرد الناس عن مجلسه وأحضره، فلما نظر إليه زبره واستخف به فخرج أبو الحسن الرضا عليه السلام من عنده مغضبا وهو يدمدم بشفتيه ويقول: وحق المصطفى والمرتضى وسيدة النساء لأستنزلن من حول الله عز وجل بدعائي عليه ما يكون سببا لطرد كلاب أهل هذه الكورة إياه واستخفافهم به، و بخاصته وعامته.
ثم إنه عليه السلام انصرف إلى مركزه واستحضر الميضأة وتوضأ وصلى ركعتين وقنت في الثانية فقال:
اللهم يا ذا القدرة الجامعة، والرحمة الواسعة، والمنن المتتابعة والآلاء المتوالية، والأيادي الجميلة، والمواهب الجزيلة، يا من لا يوصف بتمثيل، ولا يمثل بنظير، ولا يغلب بظهير، يا من خلق فرزق، وألهم فأنطق، وابتدع فشرع، وعلا فارتفع، وقدر فأحسن وصور فأتقن، واحتج فأبلغ، وأنعم فأسبغ، وأعطى فأجزل يا من سما في العز ففات خواطر الابصار، ودنا في اللطف فجاز هواجس الأفكار، يا من تفرد بالملك فلا ند له في ملكوت سلطانه وتوحد بالكبرياء فلا ضد له في جبروت شأنه، يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام، وحسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام، يا عالم خطرات قلوب العالمين، ويا شاهد لحظات أبصار الناظرين، يا من عنت الوجوه لهيبته، وخضعت الرقاب لجلالته، ووجلت القلوب من خيفته، وارتعدت الفرائص من فرقه يا بدئ يا بديع يا قوي يا منيع يا علي يا رفيع، صل على من شرفت الصلاة بالصلاة عليه، وانتقم لي ممن ظلمني، واستخف بي وطرد الشيعة عن بابي، وأذقه مرارة الذل والهوان كما أذاقنيها، واجعله طريد الأرجاس، وشريد الأنجاس.
قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي: فما استتم مولاي عليه السلام دعاءه حتى وقعت الرجفة في المدينة، وارتج البلد، وارتفعت الزعقة والصيحة، واستفحلت النعرة، وثارت الغبرة، وهاجت القاعة، فلم أزايل مكاني إلى أن سلم مولاي عليه السلام فقال لي: يا أبا الصلت اصعد السطح فإنك سترى امرأة بغية عثة رثة، مهيجة الأشرار، متسخة الاطمار، يسميها أهل هذه الكورة سمانة، لغباوتها وتهتكها قد أسندت مكان الرمح إلى نحرها قصبا، وقد شدت وقاية لها حمراء إلى طرفه مكان اللواء، فهي تقود جيوش القاعة، وتسوق عساكر الطغام إلى قصر المأمون ومنازل قواده.
فصعدت السطح فلم أر إلا نفوسا تنتزع بالعصا، وهامات ترضخ بالأحجار ولقد رأيت المأمون متدرعا قد برز من قصر الشاهجان متوجها للهرب، فما شعرت إلا بشاجرد الحجام قد رمى من بعض أعالي السطوح بلبنة ثقيلة فضرب بها رأس المأمون، فأسقطت بيضته بعد أن شقت جلدة هامته.
فقال لقاذف اللبنة بعض من عرف المأمون: ويلك أمير المؤمنين فسمعت سمانة تقول: اسكت لا أم لك ليس هذا يوم التميز والمحاباة، ولا يوم إنزال الناس على طبقاتهم، فلو كان هذا أمير المؤمنين لما سلط ذكور الفجار على فروج الابكار. وطرد المأمون وجنوده أسوء طرد بعد إذلال واستخفاف شديد .

صناعة طرق القرب الإلهي :
من أبرز خصوصيات الإمام الرضا ( عليه السلام ) انقطاعه إلى الله تعالى ، وتمسكه به .

وقد ظهر ذلك في عبادته التي مثلت جانباً كبيراً من حياته الروحية التي هي نور وتقوى وورع .

حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال:
جئت إلى باب الدار التي حبس فيها الرضا عليه السلام بسرخس وقد قيد عليه السلام، فاستأذنت عليه السجان، فقال: لا سبيل لك إليه عليه السلام، قلت: ولم؟ قال: لأنه ربما صلى في يومه وليلته ألف ركعة وإنما ينفتل من صلاته ساعة في صدر النهار وقبل الزوال وعند إصفرار الشمس فهو في هذه الأوقات قاعد في مصلاه ويناجي ربه، قال: فقلت له: فاطلب لي منه في هذه الأوقات إذنا عليه فاستأذن لي، فدخلت عليه وهو قاعد في مصلاه متفكرا قال أبو الصلت: فقلت له: يا بن رسول الله (ص) ما شئ يحكيه عنكم الناس؟ قال: وما هو؟ قلت: يقولون أنكم تدعون أن الناس لكم عبيد فقال: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت شاهد بأني لم أقل ذلك قط ولا سمعت أحدا من آبائي عليهم السلام قاله قط وأنت العالم بما لنا من المظالم عند هذه الأمة وأن هذه منها ثم أقبل علي فقال لي: يا عبد السلام إذا كان الناس كلهم عبيدنا على ما حكوه عنا فممن نبيعهم؟ قلت:
يا بن رسول صدقت ثم قال يا عبد السلام أمنكر أنت لما أوجب الله تعالى لنا من الولاية كما ينكره غيرك؟ قلت: معاذ الله بل أنا مقر بولايتكم.

يقول بعض جماعته ( عليه السلام ) : ما رأيته قط إلا ذكرتُ قوله تعالى : ( كَانُوا قَلِيلاً فِي اللَّيلِ مَا يَهجَعُونَ ) الذاريات : 17.

ويقول الشبراوي عن عبادته ( عليه السلام ) : إنه كان صاحب وضوء وصلاة ، وكان ( عليه السلام ) في ليله كُلِّهِ يتوضأ ويصلي ويرقد ، وهكذا إلى الصباح .

وقد كان الإمام ( عليه السلام ) أتقى أهل زمانه ، وأكثرهم طاعة لله تعالى .

فيروي رجاء بن أبي الضحَّاك عن عبادة الإمام ( عليه السلام ) - وكان المأمون قد بعثه إلى الإمام ( عليه السلام ) ليأتي به إلى خُراسان ، فكان معه من المدينة المنورة إلى مرو - يقول : ( والله ما رأيت رجلاً كان أتقى لله منه ( عليه السلام ) ، ولا أكثر ذِكراً له في جميع أوقاته منه ، ولا أشد خوفا لله عزَّ وجلَّ .

كان ( عليه السلام ) إذا أصبح صلَّى الغداة ، فإذا سلَّم جلس في مُصَلاَّه يُسَبِّح الله ، ويحمده ، ويُكبِّره ، وَيُهَلِّله ، ويصلي على النبي وآله ( صلى الله عليه وآله ) حتى تطلع الشمس .

ثم يسجد ( عليه السلام ) سجدةً يبقى فيها حتى يتعالى النهار ، ثم يقبل على الناس يحدثهم ، ويعظهم إلى قُرب الزوال ، ثم جدد وضوءه ، وعاد إلى مُصَلاَّه .

فإذا زالت الشمس قام ( عليه السلام ) وصلى ست ركعات ، ثم يؤذّن ، ثم يصلي ركعتين ، ثم يقيم ويصلي الظهر ، فإذا سَلَّم سَبَّح الله وحمده ، وكبره ، وهَلَّله ما شاء الله .

ثم يسجد ( عليه السلام ) سجدة الشكر ويقول فيها مائة مرة : شكراً لله ، فإذا رفع رأسه قام فصلى ست ركعات ، ثم يؤذن .

ثم يصلي ( عليه السلام ) ركعتين فإذا سلم قام وصلى العصر ، فإذا سَلَّم جلس في مُصَلاَّه يسبح الله ، ويحمده ، ويكبِّره ، ويُهَلِّله ، ثم يسجد سجدة يقول فيها مائة مرة : حَمْداً لله .

فإذا غابت الشمس توضأ ( عليه السلام ) وصلَّى المغرب ثلاثاً بأذان وإقامة ، فإذا سلَّم جلس في مُصلاَّه يُسبِّح الله ، ويحمده ، ويُكبِّره ، ويُهَلِّله ما شاء الله ، ثم يسجد سجدة الشكر ، ثم يرفع رأسه ولا يتكلم حتى يقوم ويصلي أربع ركعات بِتَسلِيمَتَين ، ثم يجلس بعد التسليم في التعقيب ما شاء الله حتى يُمسِي .

ثم يفطر ( عليه السلام ) ، ثم يَلبث حتى يَمضي من الليل قريب من الثـلث ، ثم يقوم فيصلي العشاء والآخرة أربع ركعات ، فإذا سَلَّم جلس في مُصَلاَّه يذكر الله عزَّ وجلَّ ، ويُسبِّحه ، ويحمده ، ويُكبِّره ، ويُهَلِّله ما شاء الله ، ويسجد بعد التعقيب سجدة الشكر ثم يأوي إلى فراشه .

وإذا كان الثلث الأخير من الليل قام ( عليه السلام ) من فراشه بالتسبيح ، والتحميد ، والتكبير ، والتهليل ، والاستغفار ، فَاسْتَاكَ ثم توضأ ، ثم قام إلى صلاة الليل ، ويصلي صلاة جعفر بن أبي طالب ، ويحتسب بها من صلاة الليل ، ثم يصلي الركعتين الباقيتين .
ثم يقوم ( عليه السلام ) فيصلي ركعتَي الشفع ، ثم يقوم فيصلي الوَتْر ، ويقول في قنوته : ( اللَّهم صَلِّ على محمد وآل محمد ، اللَّهم اهدِنَا فيمن هديت ، وعَافِنَا فيمن عافيت ) .

ثم يقول ( عليه السلام ) : ( أستغفرُ الله وأسألُه التوبة ) ، سبعين مرة ، وإذا قرب الفجر قام فَصلَّى ركعتَي الفجر ، فإذا طلع الفجر أَذَّن وأقامَ وصَلَّى الغداة ركعتين ، فإذا سَلَّم جلس في التعقيب حتى تطلع الشمس ، ثم سجد سجدة الشكر حتى يتعالى النهار .

فهذه هي صلاة الإمام الرضا ( عليه السلام ) المفروضة ونوافلها ، وما يقرأ فيها من سور القرآن الكريم ، والتعقيبات التي يؤديها.

ومعنى ذلك أنه ( عليه السلام ) كان في أغلب أوقاته مشغولاً بعبادة الله ، فإنه ( عليه السلام ) قد سَرى حُبُّ الله في قلبه ، وتفاعل في عواطفه ومشاعره حتى صار عنصراً من عناصره ، وخصوصية من خصوصياته ( عليه السلام ) .


صناعة القيم الجاذبة :  
يقول ابراهيم بن العباس"" ما رايت ولا سمعت بأحد افضل من أي الحسن الرضا عليه السلام:
1   ما جفا أحد قط .
2  ولا قطع على أحد كلامه .
3   ولا ردّ أحدا عن حاجته .
4    وما مد رجليه بين جليسه .
5    ولا اتكأ قبله .
6    ولا شتم مواليه ومماليكه .
7    ولا قهقه في ضحكة .
8    وكان يجلس على مائدته ومماليكه ومواليه .
9    قليل النوم بالليل يحي أكثر لياليه من أولها إلى آخرها .
10  كثير المعروف والصدقة وأكثر ذلك في الليالي المظلمة"" .
وفد على الإمام الرضا ( عليه السلام ) رجل فَسلَّم عليه وقال له : أنا رجل من مُحبِّيك ومحبِّي آبائك ، ومصدري من الحج ، وقد نفذت نفقتي ، وما معي ما أبلغ مرحلة ، فإن رأيت أن ترجعني إلى بلدي فإذا بلغت تصدقت بالذي تعطيني عنك .

فقال ( عليه السلام ) له : ( اِجلس رحمك الله ، وأَقبلَ على الناس يحدثهم حتى تفرقوا ) .

وبقي هو وسليمان الجعفري ، وحيثمة ، فاستأذن الإمام منهم ودخل الدار ثم خرج ، وَرَدَّ الباب ، وخرج من أعلى الباب ، وقال ( عليه السلام ) : ( أين الخراساني ) .

فقام إليه فقال ( عليه السلام ) له : ( خذ هذه المائتي دينار واستعِن بها في مؤنتك ونفقتك ، ولا تتصدق بها عني ) .

فانصرف الرجل مسروراً قد غمرته نعمة الإمام ( عليه السلام ) ، والتفت إليه سليمان فقال له : جُعلت فداك ، لقد أجزلت ورَحِمت ، فلماذا سَترتَ وجهك عنه .

فَأجابهُ ( عليه السلام ) : ( إِنَّما صنعتُ ذلك ، مخافة أن أرى ذُلَّ السؤال في وَجهِهِ لِقضَائِي حاجتَهُ ، أما سمعت حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : المُستَتِرُ بالحسنة تعدل سبعين حجة ، والمُذِيعُ بالسيِّئةِ مَخذُول .

أما سمعت قول الشاعر : مَتى آَتِهِ يَوماً لأَطلبَ حَاجَةً ** رَجِعتُ إِلَى أَهلِي وَوَجهِي بِمَائِهِ ) .

وما قصائد الشعراء إلا جذبة من جذباته البهية التي أخذت بألبابهم حتى جعلتهم ينظمون بدائع القصائد الرضوية .

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

الخميس، 1 فبراير 2024

🎋 هل يتوقف هذا المسلسل؟ 🎋

🎋 هل يتوقف هذا المسلسل؟ 🎋

ينفضان لحاف الكسل ويودعان النوم هكذا حال موظف وزوجته حيث ييممان الوجه للعمل والكدح، فيتسابقان مع الزمن ليصلا دون تأخير لأن الوقت لا يسعهما لإيصال الأبناء للمدرسة والوصول للعمل في الوقت المحدد فيتجهان مرغمين للتعاقد مع شخص أو مؤسسة لإيصال أطفالهم لمدارسهم،.. وهنا تبدء الحكاية 

▪️ففي ظل رغبة ملحة بزيادة العدد لمبررات متعددة ، وحيث أن المدارس متباعدة والوقت لا يتمطط ولا يتمدد بل الثانية تطاحن أختها دون هوادة ، فالحكم يكون للمقود فهو حاضر ليدار بسرعة والرهان المتخيل على الدواسة فيضغطها سائقها بقوة فإذا به يقفز بين المسارات بشكل مفاجئ دون تأن لأن الهدف إيصال هذا العدد تلافيا للعتب ،،

▪️ولكن الواقع المر أن السيارة تتمرد  فتخرج عن السيطرة لأن سرعتها المتهورة أصبحت عادة عند بعض موصلي طلاب وطالبات المدارس من أهل بلدنا السائقين والمغتربين،

♦️ولكن الأوجع للقلب حين ترى هؤلاء البراعم يتقافزون تحت وطئة سرعة غير متواقفة مع الطريق والركاب فلا ترحم طفلا ولا تراعي أمانة أمام الله تعالى وأسرة جعلت طفلها أمانة،،  وأما الضمير فقد توسد فراش التبريرات ونام مرتاحا 

 ولكن النتيجة المفجعة،،،إصابات وحوادث وموت فجيع يشيب رؤوسا ويهرم قلوبا تمتد سنوات طويلة لا يقاسمها المآسي  ،،،

🔻 نحن أمام تهور سرعة يجتاح البعض وثقة عمياء بالسيارة وقدرتها على تلافي التصادم وكأن أرواح الآخرين مجرد أمر هامشي وسلامتهم في آخر الاهتمامات .

🔻 فهل يقبل أن يقال عن هذه الحكاية المتناقضة  : قضاء وقدر ؟؟
 ولا يجوز أن أحاسب لأني لم أفرط. 

ثم بعد وقوع المصيبة تأتي أسطوانة التبريرات والإلحاح بطلب الوساطات وضغوط هائلة لا تكل ولا تمل طلبا لتنازل أب وأم  مكلومين فقدا فلذة كبدهما، أو مآس مع تجرعهما الآلام المتواصلة لإصابة طفلهما بعاهة أو مشكلة سيعاني منها هذا الطفل وأهله طوال عمره،،،

♦️وكل هذه المآسي نتيجة تهور إنسان لا يشعر بالمسؤولية ولا يستحق أن يستأمن على أبرياء كالورود الندية،،

مشاهد تراها العيون صباح وظهيرة كل يوم على قارعة طريق المدارس

فهل من صوت يوقف نزيف الدماء؟

الثلاثاء، 16 يناير 2024

وترجلت يا أباطاهر

🎋 *وترجلت يا أباطاهر🎋* 

بسم الله الرحمن الرحيم 

بمزيد من الألم والأسف تلقينا خبر وفاة أخينا المؤمن العزيز عبدالخالق الجنبي،،، 

▪️لقد كان العزيز الراحل منكبا مثابرا في إبراز تراث وتاريخ المنطقة العظيم وتتبع أدق تفاصيله، منطلقا من عشقه للنبي الأعظم وعترته الطاهرين، فقدم الكثير من الأبحاث القيمة منفردا وهي متنوعة كبحثه التشيع في بلاد البحرين القديم وغيره وكتب أخرى بمعية بعض الباحثين الكرام فأعطى من وقته وجهده الكثير ما جعله أحد الوجوه التاريخية والأدبية البارزة والمقدرة حيث ارتبط اسمه بهوية شرق الجزيرة المشرق وتاريخها الزاخر الباهر. 


▪️إننا إذ نرثيه متأسفين متألمين لرحيله بعد معاناة مع مرض لم يمهله طويلا حيث كان في أوج عطاءه وهمته حتى فاجأه هذا البلاء فإن دعاءنا ورجاءنا كان ومازال حتى صبيحة اليوم بأن يتماثل للشفاء ونزوره والمؤمنون بعد عودته لداره ولكن إرادة الله غالبة فاختار له ربه تعالى دار الكرامة والخلد في شهر البركات شهر رجب، 

▪️فنحن إذ نعزي إخوانه وذويه وآل الجنبي الكرام وسائر إخوانه الباحثين ومحبيه وعارفيه، نسأله سبحانه وتعالى أن يتغمده برحمته الواسعة ويحشره في زمرة سادته الأطهار عليهم السلام ويجازيه الجزاء الأوفى لجهوده وعطاءه،،،  

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 


أقل أهل العلم حسام آل سلاط - الثلاثاء الموافق 4 رجب 1445 - 16-1-2024م

الثلاثاء، 17 أكتوبر 2023

🍃 *المنبر الثقافي .. منبر الشيخ الحسام إنمؤذجا🍃*


▪️تقرير | ميثم حسن 
في ليلة حوارية مفعمة بالحب ، تجده أي الشيخ الحسام راح بعيدا ليأصل إنسانيته في عمق إحساسه..راح بعيدا ليأصل إنسانيته في إنسانية الآخر ، تجده ذهنية ولادة لخطاب يتدفق خارجا من حيز القلب.

سلسلة الأسرة المحمدية بناء وتحديات كانت رحلة حوارية مسكونة بالحب في خمس أوراق نقدية قدمها ثلة من المؤمنين ، جاءت الورقة الأولى لقراءة محاضرة الليلة الثانية عشر بعنوان "
 *الأسرة في دائرة الخطر* "
أنطلقت هذه القراءة من توافر خصائص الخطيب البارع من خلال مقاربة هذا البحث والتي لخصتها في مجموعة من العناصر منها :
 الإمتاع النفسي والاقناع العقلي ومراعاة الفروق الفردية وختم بالتأثير الوجداني والتي عبرت عنها في فاتحة القول " *وقعت في شراك الحسام والذي كان كان* " وراحت مثبتة صدق المدعى بقراءة للإيقاع في تفعيل الأبيات في بداية المحاضرة لتتابع ذلك  التصاعد في الإيقاع النثري وعن ذلك الإيفاد من جرس الألفاظ وتناغم العبارات حتى نهاية المحاضرة في محوريها ومقدمتها الإستلهامية فكانت بحق فكرة على خط القصة وفكرة على خط الدلالة  ..
تارة وجدت القراءة أنها مدعوة لمقاربة السردية اللسانية في مستوياتها التركيبية والعلائقية بين عناصر السرد وتارة أخرى لمقاربة سردية دلالية كانت تستدعي في ذهنية المتلقي خلف كل كلمة معنى تمترس بشواهد قرآنية وروائية ومصاديق واقعية دعم شيخنا الحسام بها بحثه.

🔅أما الورقة الثانية فكانت بديعة في مرئياتها لتحيط بمحاضرة الليلة الثالثة عشر إحاطة فكرية ودلالية وبناء فنيا والتي كانت بعنوان" *أسرة محمدية أم فردانية* "
هنا ناقشت الورقة النقدية موضوع توحيد أبحاث الموسم العشورائي تحت موضوع واحد بين المزايا والعقبات ..
وخلصت القراءة إلى أن المحاضرة قيمة واضحة المعالم مفيدة للمتلقي وجاءت وفق العناصر التي تم تحديدها في المقدمة بشكل وافي وأدير البحث باسلوب التساؤل الذي يخلق التفاعل مع الخطيب وتمنت القراءة لو تم تعريف الأسرة الفردانية في مقدمة البحث ولو أنها أشارت إلى الأسباب التي تجعل من الغرب يقدم مثل هذه الأطروحات، وأثنت على التوازن بين وقت المحاضرة وتوزيعها للمعالجة الفكرية والمستوى الرثائي .

🔅وفي الورقة الثالثة والتي كانت بعنوان " *سورة الفجر بارقة كربلائية لأسرة رشيدة* " أتسم الحوار بالحركية النقدية فكانت القراءة الرصينة للمنطلقات البحثية للمحاضرة في تركيبها الفني وأبعادها الفكرية بدء بالعنوان وما يحمله من جماليات والمقدمة الإستلهاميه وما حملته من تأثير وجداني وتطلعت القراءة لتدعيم البحث بالمزيد من الاستدلال لتثبيت بعض معطيات البحث الذي كان له قيمة في مخاطبة العقول والقلوب وإن طغيان الجانب الوجداني بسبب ما تخللته المحاضرة من فقرات روحية  لنص مقتبس من العلامة الشيخ الشوشتري والتي أدخلت البحث مبكرا في أجواء المصيبة حالت دون انسيابية محاور البحث.

🔅" *غرس يسقى بالوعي* " محاضرة الليلة الخامسة كانت أفق نور في ورقة بحثية متقنة ركزت على ملامسة البحث في مقدمته الإستلهامية والمحورين الذين تبعاها لصناعة التفاهة وناقشت الحلول والبدائل لصناعة محتوى هادف وتوقفت القراءة النقدية في تطلعها إلى المزيد من الاستشهدات الروائية وتقليص مساحة السرد القصصي وخلصت كسابقاتها من القراءات إلى جمالية البحث وعمق المحتوى ..

🔅كانت القراءة النقدية الأخيرة محتضنة لما سبقها من وقفات تأملية في القراءات السابقة وتولت قراءة نقدية لمحاضرة الليلة الثامنة   " *تربية الأبناء مسؤوليات معلقة* "
برز في هذه القراءة القيمة الطابع المقارن من خلال الوقوف على المناخات التي جعلت من منبر سماحة الحسام منبرا ثقافيا ذا عمق وما يواكب ذلك من عقبات على مستوى مقاربات مختلفة من الزمان والمكان وطبيعة المتلقي والظروف العامة التي تحيط بمجلس البحث .

▫️كانت هذه القراءة خاتمة للقاء الثاني للوقوف على باب منبر سماحة الحسام في موسمه العاشورائي ١٤٤٥ه

نسأل الله له التوفيق والسداد ،،،

الأربعاء، 11 أكتوبر 2023

*🎋 من أجل الحسين (ع) ... الشيخ حسام آل سلاط يستضيف ناقديه للموسم العاشورائي* 🎋


🖊️تقرير السيد حسين السيد شرف وصلاح مهدي


ضمن جهود سماحة الشيخ حسام آل سلاط أحبته في سبيل خدمة رسالة المنبر الحسيني، اجتمع سماحته مع  نخبة من الشباب المثقف بالمنطقة للتواصل والاستماع إلى وجهات النظر حول محاضرات موسم محرم الحرام ١٤٤٥ه والتي تمحورت هذا العام حول موضوع الأسرة وتحديات العصر.


▫️وبرحابة صدر، وأريحية واعية، ومن المنطلق القرآني القائل { *أَدۡعُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِیرَةٍ* } تقبّل سماحة الشيخ حسام آل سلاط بعضاً من الأوراق النقدية لمحاضرات عاشوراء الحسين عليه السلام للعام الحالي 1445هـ، في الجلسة السنوية الخاصة التي استضاف فيها سماحته نخبة من استشارييه من المثقفين والأساتذة والمختصين.

▫️وثمن النُّقاد الجهود الحثيثة من سماحة الشيخ القبلية والتحضيرية بعدة أشهر للموسم العاشورائي، حيث استقرت النقاشات على اختيار موضوعات ( *الأسرة* ) لتكون محوراً أساسياً الأطروحات،
ومن ثم الجهود لاختيار عناوين المحاضرات، وهيكلتها إلى محاورها.

▫️حيث كانت العناوين المختارة بعناية للمحاضرات تعكس عمق المعالجة والنظرة المتعمقة والخبيرة للقضايا الأسرية والتي ركزّت على جانب البناء والتأسيس للأسرة الصالحة التي تسعى للحياة السعيدة في مفهومها القرآني، فكانت سورة الإنسان هي نقطة الانطلاق وهي (التذكرة لمن شاء تلك السعادة) وذلك بضرب المثال للأسرة الرسالية التي تسامت عن جعل المادة محورا للسعادة وأدركت معنوية العلاقة مع الله في تحصيل السعادة الحقيقية ( *ويطعمون الطعام على حبه)،* وكان الوعي الذاتي بالهوية الدينية أحد أبرز روافد الحفاظ على هذا الكيان المقدّس في مواجهة أمواج الطوفان المتشكل بألوان الطيف اللطيفة التي تجذب إلى جوف أعماقها الغادرة من لا حظ له ولا نصيب من البصيرة والأذن الواعية التي تسمع نداء الوالد المشفق ( *يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين* ).

▫️ودارت حلقة النقاش على مدار خمس ساعات في اللقاء الأول يوم السبت الموافق التاسع من شهر صفر 1445هـ حول أبرز مكامن القوة، وأفضل فرص التحسين والتطوير للارتقاء بالخطاب الديني المنبري العاشورائي لمحاضرات سماحته.

▫️وقد أكد المشاركون على أهمية هذه الموضوعات من خلال تقديم أوراق نقدية حملت توازناً بين الجوانب الايجابية والتحسينية في عدد من الجوانب الفنية المتعلقة بالمادة المطروحة وتقييم ملائمتها للشريحة المستهدفة من المستمعين والمستمعات.

▫️وأشاد النقاد على أفضلية الأطروحات الأسرية للمحاضرات لما تواجهه الأسرة من تحديات، ومن استهدافات ممنهجة لتفكيكها وافسادها، كما تناولت الجلسة الأسلوب الأنجع الذي تميزت به المحاضرات بين الخطاب المنبري المتوازن بين الجانبين الاجتماعي  والروحي، بالإضافة إلى متانة المادة العلمية وتنوعها ومناسبتها إلى المستمع، واستدرار الدمعة وأخذ العَبرة والعِبرة.

▫️كما تميزت محاضرات سماحته لهذا العام بالتغطية اليومية من خلال قنوات التواصل الاجتماعي وصاحبتها نسخة مكتوبة للمحاضرة فيها شيء من الاستفاضة في بعض النقاط التي لا يسع الخطيب عرضها على المنبر لمحدودية الوقت، كما كان لطرح بعض مصادر البحث وعناوين بعض الكتب المتعلقة بالموضوع نصيباً من الجانب الايجابي المتميز حسب ما جاء ضمن الاوراق النقدية، فهي نقطة مضيئة في زمن نشهد فيه عزوف الكثير من شبابنا السعي للحصول على المعلومة من مصدرها والاستزادة بالتعمق في البحث والإطلاع.

▫️وتطلعت الآراء إلى جوانب التحسين مستقبلاً، ومنها الإلتفات إلى الناشئة المتواجدين تحت منبر سماحته في بعض المجالس وتخصيص خطاب لهم بمقدار مفيد، وبلغة بسيط- ما أمكن ذلك - والارتكاز على محْوَرتْ الموضوع وهيكلته، والاستزادة من الأطروحات القرآنية التي لاقت استحسان المستمع في أغلبها خلال المنبر العاشورائي لسماحته .

▫️وخَلُص النقد على قوة الخطاب المرتكز على توافق الشواهد القرآنية المتنوعة في مقدمتها خاصة، ومفاصل الموضوع عامة، وربطها بالواقع الحياتي والعملي، وتتالي الإثراءات الروحية، واتباع أسلوب الإثارات الذهنية للمستمع، وذكر الأمثلة من الواقع المجتمعي، بالإضافة إلى تنوع الطرح بين القيم والعقائد والتربية، وتعضيد المنقولات إلى مصادرها.

▫️يذكر أن سماحة الشيخ ومنذ سنوات يقيم بعد كل موسم عاشورائي جلسات مع مجموعة من المثقفين لتقديم أوراق معرفية حول محاضراته للوصول إلى خطاب ديني جاذب رصين .


ونسأل الله تعالى لسماحته المزيد من التوفيق والسداد ودوام البركات.

┈┉ ••°💠°•• ┉┈
🎋 *نموذج من القراءات النقدية* 🎋

المحاضرة التاسعة من محرم 1445

سماحة الشيخ حسام آل سلاط سدد الله خطاه


*( هل يكفي الحب في مواجهة التحديات ؟)*


🕰️مدة المحاضرة : 55 دقيقة :

▫️نعي المقدمة ( 11 دقيقة )

▫️إضاؤات استلهامية من الآية *( *و الذين آمنوا أشد حبا لله* )'


▫️المحاضرة تقع في ثلاثة محاور  :