البحوث

  • المجتمع

الأحد، 16 أبريل 2017

من إفاضات دعاء المولودين في رجب للسالكين - الحلقة 3

 من إفاضات دعاء المولودين في رجب للسالكين 

- الحلقة الثالثة 

.    ربط السالك والداعي بالقدوة :

     في شهر رجب وحيث القلب يصفو مع العبادة من صوم وصلاة ودعاء وتلاوة يكون المؤمن مهيئاً لتلقي إفاضات ربانية , ومستعداً للنفحات القدسية تجده يبحث عمن يدله على الطريق لينتهل من عذب القرب الإلهي , فلا يجد أحداً إلا أهل الكمال عليهم السلام , فهم القدوة الكاملة المستحقون للاقتداء , لهذا عندما يرتبط الداعي بالله تعالى يحتاج إلى من يذكره بالقدوة فيكون الحجة المنتظر أرواحنا فداه هو المذكر بإمامين من أئمة الهدى عليهم السلام , لذا تجد المؤمنين عندما يتذكرون رجب يذكرون أنهم يدعون دائماً بـ ( اللهم إني أسألك بالمولودين في رجب ) فتكون الذكرى أثبت في قلب السالك المؤمن , لأن من ذكر هذا الدعاء هو خاتم الأوصياء إمام الزمان عليه السلام .
     وكما نعلم فإن التوسل بالإمامين الجواد والهادي عليهما السلام له معانيه العميقة
, والتوسل بأهل البيت عليهم السلام يُحقق :
                                ‌أ.            الاندماج المعنوي والروحاني بهم، وبذلك يتحقق الاقتداء بسلوكهم .
                           ‌ب.            بيان مكانتهم وعظمتهم عند الله سبحانه وتعالى ,من خلال كلمات الدعاء.
                            ‌ج.            تركيز العظمة في شخصيات الأئمة عليهم السلام في نفوس شيعتهم من خلال القدوة الصالحة لكل زمان ومكان , والقدوة الكاملة التي لا يمكن أن تنحرف , وكيف يحتار الإنسان وعنده القدوة التي بلغت كل الكمالات , فالدعاء الذي يكرره الداعي كل يوم يجعله يفكر في هذه الشخصيات ويبحث عنها  وهذا يدعوه للاستقامة الإقتداء بها , إذ لا غنى لأي شخص من قدوة يقتدي بها للوصول لأهدافه .   

2
   الدعاء باللفظ لا بالمعنى :
     لا نشك أن الدعاء يؤثر في روح الداعي ونفسه تأثيراً كبيراً بل وحتى جسده , وهنالك تجارب أُجريت في اليابان تثبت ذلك ,ولا يمكن أن يؤثر نفس الأثر لو تلي بمعناه أو غُيّر لفظه . راجع مقالة بعنوان ( رسالة الماء ) للتأكد من عظمة المعاني الروحية وتأثرها بما يحيط بها حتى الألفاظ , وفي ذلك وردت روايات متظافرة فقد ورد أن أحد أصحاب الأئمة عليهم السلام جاءه يوماً فتعلم من الإمام دعاءً غير أنه غيّر في لفظه , وإذ بالإمام عليه السلام يصحح له كما في الرواية : (إن الله عز وجل مقلب القلوب والأبصار ، ولكن قل كما أقول : « يا مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك [1] . (
وفي خبر آخر عن الكافي بسنده عن عبد الرحيم القصير قال دخلت على أبى عبد الله ( ع ) فقلت جعلت فداك إني اخترعت دعاء فقال: ( دعني من اختراعك )[2]
وقد علق محقق من لا يحضره الفقيه على الخبر السابق بقوله : (يدل ظاهرا على النهى عن اختراع الدعاء وحمل على الكراهة لعموم الأمر بالدعاء إلا فيمن لا يعرف الله وصفاته العليا ، فربما يتكلم بما لا يجوز له ، ولا ريب أن الدعاء بالمنقول أولى ) [3]

( تدل هذه الأحاديث على إن الأدعية المأثورة توقيفية ، وقع التعبد بخصوص ألفاظها الواردة ، وان أدنى تغيير أو تبديل في كلماتها ، أو أي لحن أو تحريف في حركاتها وحروفها ، وان لم يغير المعنى ، يوجب أن لا يكون أداؤه صحيحا ، فلا يتوقع منه ما يترقب منه فيما لو كان أداؤه تاما من الآثار الروحية  (.[4]
ولهذا الالتزام بنص الدعاء هو الأولى لأنه هو الذي ورد في النص .




[1] -كمال الدين وتمام النعمة , ج2 ص 51 , حديث 49 .
[2] - كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج 2 - ص 331 .
[3] - من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج 1 - هامش ص 560 .
[4] - آداب الدعاء في الإسلام للسيد محمد رضا الحسيني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق