من إفاضات دعاء
المولودين في رجب للسالكين
- الحلقة الثالثة
.
ربط السالك والداعي
بالقدوة :
في شهر رجب وحيث القلب يصفو مع العبادة من
صوم وصلاة ودعاء وتلاوة يكون المؤمن مهيئاً لتلقي إفاضات ربانية , ومستعداً
للنفحات القدسية تجده يبحث عمن يدله على الطريق لينتهل من عذب القرب الإلهي , فلا
يجد أحداً إلا أهل الكمال عليهم السلام , فهم القدوة الكاملة المستحقون للاقتداء ,
لهذا عندما يرتبط الداعي بالله تعالى يحتاج إلى من يذكره بالقدوة فيكون الحجة
المنتظر أرواحنا فداه هو المذكر بإمامين من أئمة الهدى عليهم السلام , لذا تجد
المؤمنين عندما يتذكرون رجب يذكرون أنهم يدعون دائماً بـ ( اللهم إني أسألك
بالمولودين في رجب ) فتكون الذكرى أثبت في قلب السالك المؤمن , لأن من ذكر هذا
الدعاء هو خاتم الأوصياء إمام الزمان عليه السلام .
وكما نعلم فإن التوسل بالإمامين الجواد والهادي عليهما السلام له معانيه
العميقة
, والتوسل بأهل البيت عليهم السلام يُحقق :
أ.
الاندماج المعنوي والروحاني
بهم، وبذلك يتحقق الاقتداء بسلوكهم .
ب.
بيان مكانتهم
وعظمتهم عند الله سبحانه وتعالى ,من خلال كلمات الدعاء.
ج.
تركيز العظمة في
شخصيات الأئمة عليهم السلام في نفوس شيعتهم من خلال القدوة الصالحة لكل زمان ومكان
, والقدوة الكاملة التي لا يمكن أن تنحرف , وكيف يحتار الإنسان وعنده القدوة التي
بلغت كل الكمالات , فالدعاء الذي يكرره الداعي كل يوم يجعله يفكر في هذه الشخصيات
ويبحث عنها وهذا يدعوه للاستقامة الإقتداء
بها , إذ لا غنى لأي شخص من قدوة يقتدي بها للوصول لأهدافه .
لا نشك أن الدعاء يؤثر في روح الداعي ونفسه
تأثيراً كبيراً بل وحتى جسده , وهنالك تجارب أُجريت في اليابان تثبت ذلك ,ولا يمكن
أن يؤثر نفس الأثر لو تلي بمعناه أو غُيّر لفظه . راجع مقالة بعنوان ( رسالة الماء
) للتأكد من عظمة المعاني الروحية وتأثرها بما يحيط بها حتى الألفاظ , وفي ذلك
وردت روايات متظافرة فقد ورد أن أحد أصحاب الأئمة عليهم السلام جاءه يوماً فتعلم
من الإمام دعاءً غير أنه غيّر في لفظه , وإذ بالإمام عليه السلام يصحح له كما في
الرواية : (إن الله عز وجل مقلب القلوب والأبصار ، ولكن قل كما
أقول : « يا مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك [1]
. (
وفي
خبر آخر عن الكافي بسنده عن عبد الرحيم القصير قال دخلت على أبى عبد الله ( ع ) فقلت
جعلت فداك إني اخترعت دعاء فقال: ( دعني من اختراعك )[2]
وقد
علق محقق من لا يحضره الفقيه على الخبر السابق بقوله : (يدل ظاهرا على النهى عن اختراع
الدعاء وحمل على الكراهة لعموم الأمر بالدعاء إلا فيمن لا يعرف الله وصفاته العليا
، فربما يتكلم بما لا يجوز له ، ولا ريب أن الدعاء بالمنقول أولى ) [3]
( تدل هذه الأحاديث على إن الأدعية المأثورة توقيفية ، وقع التعبد بخصوص ألفاظها الواردة ، وان أدنى تغيير أو تبديل في كلماتها ، أو أي لحن أو تحريف في حركاتها وحروفها ، وان لم يغير المعنى ، يوجب أن لا يكون أداؤه صحيحا ، فلا يتوقع منه ما يترقب منه فيما لو كان أداؤه تاما من الآثار الروحية (.[4]
ولهذا الالتزام بنص الدعاء هو الأولى لأنه هو الذي ورد في النص .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق