البحوث

  • المجتمع

الجمعة، 6 أبريل 2018

المرأة والتغيير .....مدار ومسار

حسام آل سلاط
الروح ذلك الوجود المقدس الموصوف بأنه ( نفخة إلهية ) والتي تُعدُّ بأنها مدار حياة الإنسان وحقيقة وجوده ،  لا تتسم بالذكورة والأنوثة بل لا قيمة للذكورة والأنوثة عند الله تعالى بل التقوى هي مدار التقوى ، لهذا لم يصف القرآن الكريم الروح في أي آية بذكورة أو أنوثة وإنما قال تعالى ( قل الروح من أمر ربي ) .

ومتى طهّر الإنسان هذه الروح مما علق بها من شوائب وأدران وخبائث كانت مهيئة ً لتلقي الفيوضات الربانية ولم تفرّق الروايات في تلقي تلك البركات بين ذكر وأنثى قتعبير القرآن العظيم ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) لهذا قد يتساءل الإنسان كيف هو طريق رقي الإنسان وسموه لاغتنام كل طاقاته للوصول بها إلى الغاية القصوى من كماله ؟

الجواب على ذلك يجده المنتهل من غدير أحاديثهم ورواياتهم الشريفة والمغترف من عذب كلماتهم النورية ، إذ لم تعد الأخبار المباركة رغم ما ضاع منها وأُتلف ميداناً يخص حياة الإنسان دنيوية ً أو برزخية ً أو أخروية إلا وتحدثت عنها من عدة جهات ، وقد بيّنت تلك الروايات مكانة المرأة في الإسلام ومقاماتها التي أن تبلغها إن سارت على هدى من أمر ربها .

- وللصالحات اليقينية تجليات :
للعمل الصالح تجليات وبركات في الدنيا قبل الآخرة علماً بأن تأثيره على الجنبتين الروحية والاجتماعية إذ لا يمكن التفكيك بينهما إطلاقاً ، فالعمل الصالح سلّمُ عروج ٍ لكل قلب ٍ منيب ، فالعمل متى ما كان خالصاً لله تعالى وهو أدعى للتأثير ، إذ ربما يتقرب مؤمن أو مؤمنة بعمل لا يعرف الناس به شيئاً وليس له شهرة تطمح لها النفوس الدنيوية فتترقى به روح عامله والمتقرّب به لله تعالى .

فالإخلاص الذي يجاهد من أجل تحقيقه البعض توفق له المرأة التي جعلت بيت زوجها مقراً لإدارة شؤون أسرتها وتحصينها بالخلق القويم والتربية الصالحة وحسن التبعّل ، ومدارج طهرٍ تسمو بها بعيداً عن آفات العمل الصالح من رياءٍ وسمعة ، وهذا بحد ذاته نعمة تغبط عليها ربة الأسرة فهي التي تدافع  وتبني وهي الجندي مجهول بل المركز قيادة الأسرة والمتفاني في حياطتها ومداراة كل احتياجاتها صغيرها وكبيرها وإخراج العناصر النافعة للمجتمع من رساليين وساليات من أبناء وبنات يحملون مشعل العلم والتقدم العلمي مستضيئين بخير تربيةٍ لأمِ ملهمة ٍ  ثم هذا بالإضافة لسندها للزوج الصالح حيث تحفيزه وإعانته على طاعة الله تعالى وخدمة دينه ومجتمعه جزءٌ من مسؤولياتها ، لذا لا يُستهان بعطاءات المرأة وبركاتها على أمتها ومجتمعها وأسرتها من خلال قوة شخصيتها الإيمانية التي بنتها بالعمل الصالح والعبادة على يقين وهو تجلٍ واضح للعبادات  المباركة ففي الخبر المروي عن النبي (ص) : ( لا عبادة إلا بيقين ) .

- وعي الذات والقدرات :
هل الاستخلاف خاص بالرجل ؟
المستخلف بالأصالة هو آدم ولكن نزلت معه حواء عليهما السلام محققة ً للاستخلاف الرباني بمساندتها له  ، فإذا عرفت المرأة أنها سند خليفة الله تعالى وعلمت عظيمة النعمة التي جعلها الله تعالى لها .
فمتى ما أرادت المرأة أن تكون صانعة ومغيّرة للواقع فعليها أن تلتفت لقدراتها لهذا الطريق لذلك هو ترك الأمور الهامشية التي لا تبني الشخصية الرسالية والتركيز على المعرفة والتزوّد بالتقوى فقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( ضياع العقول في طلب الفضول )  
وحتى تصبح المرأة من ذوي النباهة والعقل والقلب السليم عليها بالركن الوثيق الذي من استند إليه مطبقاً ملازماً للتقوى كان قوي الإيمان له تأثيره على الآخرين خصوصاً الدائرة القريبة ففي الخبر المروي عن الإمام زين العابدين عليه السلام : ( لا عبادة إلا بالتفقّه )  ولتفقّه المرأة بالأحكام الشرعية والآداب الإسلامية انعكاس مباشر على حياة أسرتها وأخلاقهم وسلوكياتهم مع تسديد الله تعالى وتوفيقه وهو من السعادة كما عبر الرواية الشريفة الواردة عن أمير المؤمنين عليه السلام ( التوفيق رأس السعادة )  .
كل هذه المسؤوليات تنتظر المرأة ولهذه حباها الله جلت قدرته بعوامل جاذبة ومؤثرة لتحيط أسرتها ومجتمعها بقلائد الإيمان الممزوج بالحب الصادق الذي ينبعث من المرأة كسلسبيل عذب دون انتظار شكرٍ أو ثناءٍ ، وقد يستخف بعض الناس بعاطفة المرأة ويجعلها محلاً لتنذر وهو عين الجهل بما أودع الله تعالى أسمه من تجليات رحمته في المرأة للوصول لحياة الإيمان والاستخلاف عبر عاطفةٍ فيّاضة جمالها في أنها لو فقدت هذه العاطفة من حياة الناس لأضحت حياة ً بائسة ً خشنة ً تعيسة ، لهذا لو عرفت دور هذه العاطفة وهدفها الحقيقي سخّرته في سبيل الله تعالى ونصرة للحق وإقامة لتوحيده ودينه .

- دور المرأة قرآنياً :
تتسم الآيات القرآنية بأنها ليست مخنوقة بالزمان بل تتسع لتستوعب الزمان والمكان وتتسامى عليه لتظلله بظلال الهداية والرشاد ، لهذا عندما نراجع آياته الشريفة نجده لا يفرق بين الرجل والمرأة في المسؤولية بل يشير إلى دور تكاملي بينهما  (  وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )  
فتحقيق الغاية القصوى من الخلقة وهو الوحدانية المطلقة لله تعالى في عالم الخليقة بأداء الأمانة الإلهية التي حملها الإنسان ذكر وأنثى بلا فرق سوى فروق جزئية تتناسب والتكوين الجسدي للمرأة هو من أمهات المطالب التي تبتني عليها النظرية الإسلامية في حقيقة دور المرأة بجانب الرجل .
إن الولاية بين المؤمنين والمؤمنات غير محصورة بزمان أو مكان بل ولاية مرتبطة بولاية الله تعالى حيث الخطي الأفقي الرابط بينهما مرتبط بخط عمودي إمدادي هو خط العبودية المطلقة لله تعالى .

مقومات لبلوغ الهدف الرباني :

مقومات أصيلة في الشريعة لتحقيق المشروع الرباني للتغيير من خلال المرأة مضافاً للرجل :
1- الحفاظ على طهارة الأمة والمجتمع متوقف على طهارة المرأة وعفافها فهي رداء الطهر وزينته ومتى ما نزعته المرأة أو تخلت عنه بأي داعٍ كان ذلك مؤذناً بانحراف ليس شخصين بل طيف من الأمة بسبب هذا الانجراف وراء الشهوات المغلّفة بالعواطف الخادعة ، فالعاطفة متى ما جُعلت في مسارها الصحيح كانت نهراً فراتاً يروي الإيمان ويبني الشخصية الصالحة المتزنة المرتوية من الحب وبخلافه عند وضع هذه العاطفة في مسيرة الانحدار الشهوي تتحوّل إلى شرنقة ٍ تقتل هذه الهبة الربانية وتخنقها .
2- الحفاظ على شموخ المرأة عن السقوط والإسقاط في طريق الغواية والإغراء ، فكما حمّل الله الرجل أمانة حفظ نفسه وزكاتها كذلك حمّله للمرأة ولم يقبل من الرجل التراخي عن مسؤولية حفظ هذا النهر من التلوث لذا حذرت الروايات من تضييع الرجل للأمانة لتبقى المرأة في مسارها التكاملي الصالح الهادي المرشد ، ففي الخبر عن الرسول صلى الله عليه وآله : ( ياعلي من أطاع امرأته أكبه الله على وجهه في النار ، فقال علي (ع) : و تلك الطاعة ؟ قال (ص) يأذن لها في .... ولبس الثياب الرقاق ) والروايات كثيرة في التعطّر وخروج المرأة به والزوج راض ٍ وادخال الأجانب ممن لا يؤمن منه عليهن وهكذا ..
3- أن المرأة مقامها التصاعدي التكاملي الوصول لمقام ( إنها من جنود الله تعالى في أرضه ) وكأنه أسمى من الجهاد في سبيل الله تعالى ، وفي حال تسافلها تصل إلى حضيض ( من سهام الشيطان ) .
4- حسن تأديب الأب لابنته من حقوقها عليه وهي وقاية له من النار ، وحث الشريعة لتفضيل الإناث على الذكور مما يعزي لمكانة وتأثير المرأة في صنع الأمة الصالحة الناصرة لدينها وسادتها وحججها الطاهرين عليهم السلام ، فعن الرسول صلى الله عليه وآله ( ولو كنت مفضّلاً أحداً لفضّلت الإناث ) .
والحديث مترامي الأطراف يزدان جمالاُ كلما تأملنا في الروايات الشريفة وجدنا أن الله سبحانه وتعالى جعل أدواراً عظمى للمرأة وأناط بها مهام ليست بالسهلة وجعل حركتها مدار ذلك الأمانة الكبرى .

نسأل الله تعالى أن يمد بناتنا وأخواتنا بالعون لصناعة الأسرة المتمسكة بدينها وأن يسدد خطاهن لمؤازة الزوج هي سبيل تكامل الأدوار لتحقيق وحدة الهدف وهو الانتصار للدين تحت لواء الإمام القائم أرواحنا لمقدمه فداه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق