البحوث

  • المجتمع

الأحد، 9 يونيو 2019

الطلاق نتيجة أم سبب ؟ تقرير صادم

 روى الكافي الشريف بسنده عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله ابن ميمون القداح، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): ( ما استفاد امرء مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله ). الكافي ج٥ ص ٣٢٧.

 ♦زواج وفق المقاييس :
 الزواج التكاملي له منزلة عظيمة في الشريعة لذا أنزلته الرواية منزلة تالي الإسلام بلا فاصل فله دور في تكامل شخصية الزوجين المتقومة على عدة جوانب وهو :

 ▫حسن الاختيار لمن لها دين تحرص عليه وتلتزم به
( زوجة مسلمة) فالباعث على الزواج تحقيق جانب الاستخلاف وليس الاستيلاد أو التلذذ الجسدي الغرائزي ، فالدين ملحوظ من الزوج عند بحثه عن الزوجة الصالحة .

 ▫التوافق الجزئي : نتيجة للهدوء النفسي وإظهار المحبة والاحترام ( تسره إذا نظر إليها) والسرور باعث على الهمة والانشراح والانتاج والإبداع ؛ والخلاف يثبط الهمم ويقلل العزائم ويشتت الفكر .

 ▫الأريحية والتنازل والتوافق : أمور مهمة في نجاح الحياة الزوجية فطاعة الزوجة لزوجها في غير ما حرم تنشر في الأسرة تجعل منها أسرة منتجة مستقرة تعمها السكينة ويحقق ذلك المساكنة النفسية ( وتطيعه إذا أمرها ) 

الأمانة شرط أساسي في نجاح أي مشروع ومنه الزواج ، فاتسام المرأة بها الصفة الجامعة تذلل كل الصعاب وتكون مؤثرة في مسيرتها وتميزها والرواية ( وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله ) فهي الجندي الأمين والنائب الحريص على الكيائن الأسري فهي تحفظ نفسه وزوجها وتدير الأسرة في غيابه لأنه عضو فاعل يشعرها زوجها بأهميتها وموقعيتها .

 ♦ تقرير صادم : 
 طالعنا تقرير لشهر شعبان 1440 حول عدد حالات الزواج والطلاق والذي سنركز عليه هو المنطقة الشرقية إذ التقرير مفزع لتفوق حالات الطلاق التي بلغت 625 مقابل 512 عقد زواج .
حتى وإن سلمنا بأن النسبة العالية للانفصال تكون أكثر لفترة الخطوبة من مجمل حالات الطلاق إلا أنه كاشف عن خلل كبير في تأسيس الحياة الزوجية ويحتاج إلى معالجة حقيقية من الآباء والأمهات في الدرجة الأولى لأنهم المعنيون بالتربية والتنشئة ، وما يكون من تقدم أو تخبط فى المجتمع هو نتاج لتربيتنا لأبنائنا وبناتنا فعلا ؛ وبالدرجة الثانية من الأزواج والزوجات الذين هم في موقع المسؤولية أمام الله تعالى والنبي وعترته الطاهرين عليهم السلام.

 ▫والتقرير يفتح آفاق التساؤل المشروع :
 هل نحن جزء من نجاح وفشل الحياة الزوجية في مجتمعنا ؟
 ▫وما دورنا في إيقاف هذا الزلزال المدمر (الطلاق ) لبنية المجتمع النفسية والقيمية والحضارية ؟
 ▫هل الأمر يقتصر على شهر شعبان أم مسبوق بشهور وسنوات الطلاق في تصاعد دون حلول جذرية .

 ♦ استسهال أم تشجيع ؟
 التأسيس الصحيح لأي مشروع وهمة القائمين يجعله قابلا للديمومة والانتاج وبخلاف ذلك إذا تأسس أي مشروع وفي ذهنية القائمين التخلي عن مواصلته مع أي عقبة تصادفه فكيف ستكون النتيجة ؟

 # الشريعة ترغب في البناء وليس الهدم وتشجع على التشييد وليس التقويض وهذه روايات منبهة لضرورة التأني في مشروع الهدم ،  ولو راجعنا كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي الباب الأول وغيره من كتاب علماء الإمامية أعزهم الله تعالى لوجدنا روايات كثيرة منها الروايات الصحيحة السند ،
 ▫ففي صحيحة صفوان بن مهران عن أبي عبدالله (ع)
 ( ... وما من شيء أبغض إلى الله عزوجل من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة يعني الطلاق ، ثم قال أبو عبد الله (ع): إن الله عز وجل إنما وكد في الطلاق وكرر القول فيه من بغضه الفرقة ).

 ▫وفي صحيحة ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : ( مامن شيء أحله الله أبغض إليه من الطلاق ، وإن الله عزوجل يبغض المطلاق الذواق) .

 ♦أسباب موضوعية ووهمية:
 ◼تتفاوت أسباب الطلاق بين الجانبين فأيهما أشد تأثيرا في حدوثه ؟   ◼أيهما أكثر تأثراً بالطلاق : الرجل أم المرأة ؟
 ◼ كيف تحدث أغلب حالات الطلاق ؟
 ◼ من أكثر طلبا للطلاق : الرجل أم المرأة ؟
 ◼ ما هي أكبر مشكلة يعاني منها الرجل والمرأة بعد الطلاق ؟ هذه الأسئلة تحتاج منا إلى تأمل ومبادرة حقيقة كمربين وأزواج .

💠 الأسباب الموضوعية من أحد الطرفين : 
 🔹تعنت أحد الطرفين في ممارسة حقه .
🔹 القسوة والجفاف وعدم المبالاة .
🔹الهجران والإعراض .
🔹الخيانة بمستوياتها وأدانها الخيانة بالتواصل مع غير الزوج أو الزوجة ولو بالجوال فضلا عن الخروج مع طرف آخر في أجواء أقلها مشبوهة فضلا عن الزنى والعياذ بالله. وهذه النقطة التساهل فيها كبير ونتائجها صادمة والحالات التي وقفنا عليها تدمي القلب وتبعث على الأسى .
🔹العمل الطويل أو الغياب منهما أو من أحدهما الموجب لعدم التلاقي وموت المشاعر مع الأيام .
🔹الاختلاط لضرورة وظيفية أو لغير ضرورة مع عدم الضوابط الشرعية الذي يزرع الشكوك والظنون بينهما .
🔹 تربية البنت على أن تكون موظفة وليس تربيتها لتكون أما وزوجة . 🔹 غلظة بعض الأزواج وقسوته في التعامل يحسب أن كل شيء يؤخذ بالغلبة .
🔹 النظرة المادية وحب الانتقام من الزوج عند وقوع الخلاف ولجوء البنت لأهلها وتعليقها وعدم انصافها ليلجأها للخلع ليبتزها وأهلها بأكبر مقدار من المال للحصول على ورقة الخلع ولو بشروط غير مكتملة .
🔹 اكتشاف انحراف سلوكي بعد الزواج كتعاطي المسكرات وغيرها أو إدمانه على الإباحيات وذلك لقلة السؤال أو عدم جديته قبل الموافقة . 🔹التعود على أجواء غير منضبطة شرعيا سواء نتيجة تربية أو نتيجة الابتعاث الذي سرع من التغيير الفكري والسلوكي في المجتمع .
 🔹 التساهل في أداء الفرائض أمام الله تعالى المنعم المتفضل الموجب للتساهل مع البشر ومنهم الطرف الآخر في الحياة الزوجية.
🔹البخل والتقتير على الأسرة ، وفي الروايات الشريفة حث على التوسعة على العيال وهي أفضل من الصدقة وتذم التقتير عليهم .

💠 الأسباب الوهمية كثيرة :
 وهي آخذة طريقها لتصبح جزء مقبولا من الثقافة الاجتماعية منها :
 🔹 عدم التفقه في أمور الدين الموجب لتوهم أشياء ليست من الحقوق ولا الواجبات ونشوب الخلافات والطلاق بسبب الجهل الشرعي بها . 🔹مطالبة المرأة بأن تكون وكيلة في الطلاق وتشجيع الأهل وعدم تأنيهم عند وقع الخلاف مع غلبة العاطفة وتشجيع البنت لأخذ مساحة حرية أكبر ولو على حسب الأسرة واستقرار المجتمع .

🔹اللجوء للتخلص من الحياة الزوجية بغض النظر عن أسباب اللجوء ولو كان بدون اكتمال شروط الطلاق الشرعي .
 🔹محاكاة ما يختزنه العقل الباطن من مشاهدات لأفلام ومسلسلات وما يثار في الأوساط في ديوانيات ومنتديات من ضرورة عدم التفاني للأسرة بل اهتم بنفسك أولا ولو أدى ذلك للانفلات من إطار الزوجية لأقل الدواعي.
 🔹 التساهل في رعاية الأسرة وحمايتها قيميا وأخلاقيا مما يقلل من حس المسؤولية تجاه الطرف الآخر والبناء الزوجي .
🔹مجاراة سوق الكماليات لتوهم تحقيقها للسعادة المفضي لتحمل أعباء والتزامات مالية ثقيلة ولعدة سنوات والشعور بالنهم لمواكبة ذلك مع عدم القدرة المالية .
🔹 تنمية حس الدلال المؤدي لعدم الشعور بالآخرين تحت شعار بنتي أو ولدي صغير ومن حقي أن أدلله بأن يفعل ما يريد دون وجود توجيه أو تربية حقيقية ، ومن ثم وقع الصدمة له أو لها للتخبط في الحياة الزوجية نتيجة ذلك وعدم تحمل الطرف الآخر لهذه الحالة .

 🔹توهم أن قيادة السيارة والحصول على وظيفة تعني التحرر من قيود الزوج في إيصالها للأماكن التي ترغب في الذهاب إليها أو إعطائها للمصروف مع التعيير بما أنفقه عليها عند الخلافات يدعوانها للتحرر لأن حركتها ومالها في يدها لذا لا تبالي بالتخلص من الحياة الزوجية لأنها أصبحت مستقلة حسب ما تتوهم .

 🔹 توهم أن الأيام تعلمه أو تعلمها كيف يدير الحياة الزوجية وهو ظلم للمجتمع فتعليمهما كيف يدرسان وكيف يتأنقان وكيف يجاريان أقرانهما لا يعني القدرة على إدارة الحياة الزوجية التي تتطلب مقومات لم يعلمها الوالدان لهما وبهذا يكون الوالدان قد ظلما المجتمع وظلم أبنهم أو ابنتهم والكيان الأسري .
🔹توهم أن الطلاق سيحل مشاكل الزوج الاقتصادية نتيجة للضغوط الاقتصادية أو لعدم الإدارة المالية الصحيحة لميزانية الأسرة فيعمد للطلاق بتوهم الخلاص من ذلك .

 هذا ما عرض في البال على عجالة ومن المؤكد كل شخص منا لديه اطلاع على جوانب أخرى لحالات طلاق وقعت أمامه أو وقف عليها وكان بوده عدم وقوعها .

 فلنبادر لإيقاف هذا السيل الجارف الذي ستظهر نتائجه بعد حين ، ولنا وقفة أخرى بوضع حلول عملية لهذه المشكلة الخطيرة مع الإشارة بأننا طرحنا الكثير من المحاضرات المنبرية أو في سلسلة كلمة الجمعة أو مقالات منشورة في مجلة الطاهرة وأدوات التواصل مبنية على دراسة ميدانية عبر استبانة موضوعية والحمد لله أولا وآخرا .

 أقل الطلبة/ حسام آل سلاط - القطيف السبت 4 شوال 1440

هناك تعليقان (2):

  1. سلامي للشيخ العزيز أعتقد كل ما طرحته يوافق الواقع المعاش لمشكلة الطلاق والتي أصبحت حسب الاحصائيات ظاهرة وليست حالات منفردة وفي هذه الحالة نحتاج الي إنشاء لجنة أو مركز من المختصين لدراسة أسباب وحل لهذه الظاهرة حتى نقلل من التشتت الأسري لهذا المجتمع.

    ردحذف