البحوث

  • المجتمع

الاثنين، 14 يناير 2019

إنها زينب وكفى ،، ومضات فقهية في يوم الممرضة العالمي


( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ) النساء 34

   كلمة الجمعة 4 جمادى الأولى 1440
· إطلالة استلهامية :
قوله تعالى: "فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله" المراد بالصلاح معناه اللغوي، و هو ما يعبر عنه بلياقة النفس.
و القنوت هو دوام الطاعة و الخضوع.
رغم أن الآية وردت في شأن الزوجية إلا أن الملفت أنها وصفت المرأة الناجحة في حياتها بأنها ( الصالحة دائمة الخضوع لله والطائعة له والتي تحفظ أمر الله في سرها وعلانيتها ) وهذه من أهم الصفات التي تجعلها سعيدة في نفسها وناشرة السعادة لمن حولها .

فقوله: فالصالحات قانتات أي ينبغي أن يتخذن لأنفسهن وصف الصلاح، و إذا كن صالحات فهن لا محالة قانتات.فالمرأة عنصر هام في استقرار المجتمع وانهدامه ، فما لم تكن على مستوى المسؤولية الشرعية تكن داءً يدمر المجتمع الذي تعيش فيه ووبلاً عليه وبعكس ذلك المرأة الصالحة المؤمنة . فكيف إذا كانت تخدم الآخرين وتسعى لراحتهم فهي مظهر الرحمة الإلهية التي تتفانى في ذلك .

* تطبيب المريض :
من النعم التي يوفق لها الإنسان أن يتمكن من مساعدة الآخرين ورفع الألم عنهم ، وهي مسؤولية يتحملها من سخّر نفسه لذلك ، وفي مقابل هذا التوفيق الذي يستوجب الشكر والثناء على الله تعالى ينبغي معرفة أهمية الموقع وتأثيره على المجتمع لا على من يشغل هذه المسؤولية .

إن العمل في الجانب الطبي رسالة إنسانية سامية وهي في ذات الوقت تستوجب الالتفات لما ينبغي على الممرض والممرضة تجاه دينهما وشريعتهما التي يدينان الله تعالى بها من أحكام وجدت لرفعتهما والحفاظ على قيمتهما السامية التي لا يرضى الخالق الحكيم بانحدارها أو التقليل من شأنها بأي لون من ألوان الخروج عن الضوابط الشرعية المقدسة ، والفطرة الإنسانية السليمة.

* فقهيات التطبيب : 
- تعلم الأحكام المتعلقة بالنسبة للممرض والممرضة :
يجب على المكلف تعلم الأحكام التي يبتلى بها عادة، فإذا أدّى عدم تعلّم الأحكام الشرعيّة إلى ترك واجب أو ارتكاب محرّم فهو آثم ، فيجب على الممرضة تعلم الأحكام التي تبتلى بها في النظر واللمس والخلوة واللباس وتطبيب المريض وغيرها .

- المظهر والعلاقة مع غير المماثل  :
في العمل التمريضي تقع الكثير من الابتلاءات الشرعية للممرض والممرضة حيث أن العاملين في الجانب التمريضي من الطبقة المحبة لخدمة الناس وهي مهنة راقية لذا يتسم المنتسبون لها بحكم كثرة الاختلاط بالناس بالذوق العالي كلاماً ومظهراً ، ولكن وحيث أن وظيفة التمريض تقتضي أن يختلط كل منهما بغير المماثل من رجل أو إمرأة فإنه لابد من رعاية المظهر

فنقول للممرض العزيز :
حتى وإن كان من عادتك ارتداء الجميل فلتحذر من أي تصرف قد يوقعك أو يوقع الآخرين فيما لا يرضي الله تعالى .


 فنقول للممرضة :
لأنك جوهرة ثمينة لا تطالها الأيدي الآثمة ولا تنظرها الأعين الخائنة لهذا كان الشرع حريصاً على كرامتك وساعياً بجعلك ذات رفعة في مظهرك وحركتك .

ولكون مظهر المرأة بما أودعه الله من آيات الإبداع وصوناً له كان محل عناية من الشريعة حفاظاً على طهارة المجتمع وصوناً للمرأة من العابثين ومرضى القلوب فإن الشرع المقدّس أمر بستره ووضع للستر ضوابط لإبعاد الناس عن إثارة الشهوات وتفجير الغرائز الكامنة ، فمن الضوابط التي وضعها الدين لمظهر المرأة أنه  : 

1- لا يجوز إبراز شيء من مفاتنها كشعرها أو شيء من جسدها عدا الوجه والكفين أمام الأجنبي سواءً كان الأجنبي قريباً أو بعيداً ، جاورته أو عملت معه ، دنت قرابته أو بعدت  ،فلا يصح إبداء محاسنها أمامه بأي صورة ومبرر.

2- الزينة التي تتزين بها المرأة لا يجوز لها أن تبرزها أمام الأجنبي ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) لذا أجاز الفقهاء إظهار الخاتم واحتاط بعضهم بالواحد لا أكثر.

3-اللباس الذي يُعد مجمٍّلاً للمرأة فهو من الزينة فلا يصح أن تظهره للأجنبي أو ترتديه أمامه ، بل حتى العباءة وما يغطي الرأس إن كانت مشتملة ً على أي نوع من الزينة لم يجز إبدائها ، أو كانت ألوانها ملفتة فلا يجوز إبدائها لأنها من الزينة ويسميها الفقهاء لباس الشهرة  .

4- اللباس الذي ترتديه يجب أن لا يكون مجسماً ومفصلاً لجسم المرأة ولا حاكياً ما تحته أي أن لا يكون شفافاً، فلا يجوز لبس البنطلون إذا كان مجسّماً لمفاتن بدنها أو موجباً لإثارة الفتنة غالباً.

5- العدسات الملونة من الزينة التي يجب على المرأة عدم إبدائها للرجل الأجنبي .

6- الزينة كالذهب والبروش والقلادة وسواها مما يُعد زينة ينبغي عدم إظهاره أمام الأجنبي

7- مشي المرأة ينبغي أن يكون بعيدا عن كل ما يثير من طريقته ، وحتى حذائها لوناً وشكلاً وأن لا يصدر صوتاًً ملفتاً وهذا كله داخل في إبعادها عن الإثارة وطمع مرضى القلوب  .

8- يجب اجتناب كل ما يوجب الريبة والخوف من الوقوع في الحرام بسبب افتتان الغير.

9- فتح الوجه وإظهار اليدين ليس جائزاً على إطلاقه بل إن كان سيوقعها في الحرام أو أظهرته بداعي إيقاع الرجل في النظر المحرم لم يجز فتحه أمام الأجنبي ، ويفضّل بعض الفقهاء عدم فتحه واستخدام الحجاب الشائع في بلدها ، بل لو نهى الأب عن فتح الوجه فلا يجوز مخالفة الأب حينئذٍ  إذا كانت المخالفة موجبة لتأذيه الناشيء من شفقته عليها .

10 - القدمان من محاسن المرأة التي ينبغي للمرأة عدم إظهارهما أمام الرجل الأجنبي بلبس الجورب غير الشفاف .

11- في العلاقة مع الرجل الأجنبي سواءً كان زميل دراسة أو زميل عمل لا تجعل هذه الأسباب العلاقة بين المرأة والرجل الأجنبي صديقاً أو أكثر بل يبقى رجلاً أجنبياً عنها لا يحل ممازحته أو مفاكهته وإن طالت مدة المعرفة والمزاملة ، فلا يصح الملامسة وسواها من المحرمات بين الأجنبيين .

12- العطر مما قد تبتلى به الممرضة ، فبعض الممرضات تبالغ في وضع العطر بصورة كبيرة , وأخرى تضعه بشكل اعتيادي فهل لوضع العطر حكم في الشرع ؟

إن كان يترتب عليه مفسدة أو افتتان أو وقوع في الحرام فلا يجوز ذلك .

* أحكام عامة :
1-الخلوة بين الممرض أو الممرضة وغير المماثل :
§   تعريف الخلوة:
فهي الاختلاء , الإنفراد , العزلة  . وأيضاً ُتطلق على الاجتماع المغلق , وتطلق كذلك على مكان الاختلاء .
وأما اصطلاحاً : أن يخلو الرجل بامرأة على وجه لا يمنع من الوطء.
 إما ما  يمنع من الوطء  من جهة العقل  أو العرف ( العادة), كحضور شخص ثالث , ولو كان شخصاً صغيراً مميزاً .


§   السيد الحكيم  :
-  يكره الخلوة بالأجنبية بمعنى بقائهما لوحدهما من دون شخص ثالث معهما في مكان واحد.

§  السيد السيستاني :
-  الخلوة عبارة عن إمكان تحقق الحرام منهما مع عدم اطلاع الغير.
-   المراد بخوف الوقوع في الحرام , في تحريم الخلوة بالأجنبية يشمل حتى مثل النظرة المحرمة .

§  السيد الخامنئي :
-    لا تتحقق الخلوة مع الأجنبي  إذا كان الرجل والمرأة في معرض دخول أي شخص عليهما في أي وقت فلا تصدق الخلوة .

§  السيد صادق الشيرازي :
-    يحرم ـ احتياطاً ـ بقاء الرجل والمرأة الأجنبيين في مكان لا يوجد فيه غيرهما ولا يمكن لغيرهما الدخول فيه أيضاً، سواء كانا مشغولين بذكر اللّه، أم بكلام آخر، وسواء كانا نائمين أم يقظين، ولكن إذا كان ذلك المكان بحيث يمكن دخول غيرهما فيه أو كان معهما صبي مميز، فلا إشكال في ذلك.

فلابد من الالتفات إلى المسائل التالية والوقوف على الحكم الشرعي والالتزام به في 

2- الملامسة بين الطاقم التمريضي وغير المماثل .

3-  إذاعة أسرار المريض .

4-النظر لعورة المريض المماثل عند تمريضه .

5-  المبادرة بتطبيب المريض .
إن الوظيفة الأساسية التي تم الاتفاق بين الطبي من قبل أصحاب المطب أو وزارة الصحة هو تطبيب المريض وعدم إهمال ذلك بأي عنوان كالراحة أو تناول الطعام ، أو الانشغال بالهاتف الجوال أو بالحديث فهل يصح منهما أن يقدّما ذلك على تطبيب المريض ؟
الجواب المتفق عليه بين الفقهاء :
ينبغي للمسلم أن يعمل بحسب الاتفاق المبرم بينه وبين الجهة التي يعمل لها .

* من توجيهات العلماء للممرض والممرضة :
التمريض مهنة عزيزة وقيّمة، وهذه حقيقة لا يراد منها مجاملة الممرضين والممرضات، فإنه عندما يكون عمل ما عظيماً وعزيزاً يبقى جانبان مسؤولَيْن تجاهه:
أحدهما الناس:  فعليهم أن يحسبوا هذا العمل وصاحب هذا العمل عزيزاً.
 والآخر من يقوم بهذا العمل:  يجب عليه أن يُكرم عمله ويعزّه، إنني أقول للممرضين والممرضات الأعزاء إنكم نلتم التوفيق وتقبّلتم هذا العمل العظيم وتؤدّون هذه الخدمة القيّمة، فأكرموها، فلا يُخدش -لا سمح اللّه- هذا العمل العظيم بقصور أو تقصير أو عمل غير مناسب، فإنّه كلّما أديتم هذه الخدمة بصورة أفضل أصبحت حياة الناس -بمقدار ما يرتبط بهذا العمل- أفضل وكان الأجر والثواب أعظم، والحمد للّه فإن ما سمعناه ورأيناه من المرضى والممرضين إلى اليوم هو الخدمة والعمل الدؤوب.

أسأل اللّه أن يمّن عليكم بالأجر والثواب، وتكون هذه الخدمة مباركة عليكم ومؤثرة في حياة الناس إن شاء اللّه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق