البحوث

  • المجتمع

الاثنين، 27 مايو 2019

أبرأوا ذمتي قبل ليلة القدر


هل توجد روايات شريفة تدل على الحث على طلب إبراء الذمة قبل ليالي القدر  ؟

موضوع التحلل وطلب براءة الذمة من الأمور الاجتماعية الجميلة كسلوك ينم عن حسٍ وشعورٍ بالمسؤولية أمام الله تعالى واحتياطاً في الدين للفرار من أي تبعةٍ تبتني على إيذاءٍ أو تجاوزٍ صدر تجاه أي مؤمن أو مؤمنة ، والقرآن والروايات تحث على رعاية حقوق المؤمن وهي كثيرةٌ جداً وأفرد فيها كتباً عند العلماء قديماً وحديثاً .
وبالتتبع حسب الوسع والوقت المتاح لنا للإجابة على التساؤل المطروح مع ضيق الوقت وتزامن الليالي العلوية لم نظفر برواية تحث على التحلل بخصوصهو، وإنما الوارد أمران :

1- الاستحلال عند غيبة مؤمنٍ على تفصيل ذكره الأعلام في بحوثهم العالية أمثال سيدنا سيد الطائفة السيد الخوئي طاب ثراه  ، وكذا غيره من الفقهاء بناءً على مرويات شريفة واردة عن أهل البيت (ع) ناقشها العلماء في بحوثهم من حيث السند والدلالة وما يترتب على ذلك  .
2- عند وجود شحناء بين مؤمنين وأنه لا يُغفر لهما حتى يصطلحا.

*-أما المورد الأول* فهو طلب التحلل والتكفير عن غيبة المؤمن :
وتحدّث العلماء حول كفارة الغيبة التي تمحو هذا الذنب العظيم .
أما كفارة الغيبة فقد قيل عدة طرق منها :
1- وجوب الاستحلال من المغتَاب – بالفتح - وذهب لهذا الرأي بعض العلماء حيث قال الشهيد : اعلم أن الواجب على المغتاب أن يندم ويتوب على ما فعله ليخرج من حق الله سبحانه وتعالى، ثم يستحل المغتاب ليحله فيخرج عن مظلمته .
2- الاستغفار له فقط.
3-  كلا الأمرين معاً ، الاستغفار والتحلل منه ( طلب براءة الذمة ).
4- مخيّر بين الأمرين بين أن يستغفر له أو يتحلل منه  .
5- التفصيل بين وصول الغيبة إلى المغتاب فكفارتها الاستحلال منه، وبين عدم وصولها إليه فكفارتها الاستغفار له فقط.
6-  التفصيل بين إمكان الاستحلال منه وبين عدمه لموت، أو لكون مكانه بعيد لا يمكن الوصول إليه ، أو كون الاعتذار موجباً لإثارة الفتنة والإهانة له.
وخلاصة الكلام أن المورد الذي ورد فيه ( طلب البراءة ) هو خصوص الغيبة على التفصيل السابق.

*-المورد الثاني* خصوص ليلة القدر فيمن بينه وبين أخيه المؤمن شحناء وهي العداوة والبغضاء والمغفرة لا تنالهما حتى يصطلحا ويتركا الشحناء .
ولعل المرتكز في الضمير الاجتماعي في مجتمعنا الولائي الرائع اتباعاً لوصايا الأئمة الأطهار عليهم السلام ضرورة أن لا يقع الإنسان في الشحناء مع إخوانه المؤمنين وأن يطلب العفو والصفح ممن وقع عليه أذى من المؤمنين أو التباعد .

ففي الخبر عن الإمام الرضا (عليه السلام) - عن آبائه (عليهم السلام) -: ( *في أول ليلة من شهر رمضان يغل المردة من الشياطين، ويغفر في كل ليلة سبعين ألفا، فإذا كان في ليلة القدر غفر الله بمثل ما غفر في رجب وشعبان، وشهر رمضان إلى ذلك اليوم إلا رجل بينه وبين أخيه شحناء، فيقول الله عز وجل: انظروا هؤلاء حتى يصطلحوا*  ).  البحار: ٧٥ / ١٨٨ / ١١.".
فعلى هذا فطلب الصفح قبل ليلة القدر من هذه الجهة العامة لا أن الرواية تحث على التحلل بالقول المشهور ( أبرأوا ذمتي) بل أن يصلح الإنسان ما بينه وبين إخوانه المؤمنين ليعيش حقيقة ليلة القدر التي عبر عنها القرآن بأنها ( سلام هي ) وما أعظم الحياة لقلب سلم من الغل والأحقاد والشحناء ليعيش نقيا تنبع منه الرحمة والصفح وحب الخير وكل خلق جميل وسلوك حسن عندما يكون صادقا مع الله تعالى ومطبقا لتعاليم السادة الأطهار عليهم السلام وهذا هو المطلوب وجوهر بركات ليلة القدر الارتباط بالله سبحانه وحججه الطاهرين ونقاء النفس وصفائها لتحقق معنى الاستخلاف لله على الأرض    .

هناك تعليقان (2):

  1. وفقك الله شيخنا الفاضل
    والله يحللنا ويحللكم ويبيحنا ويبيحكم ويغفر لنا ولكم وللمؤمنين والمؤمنات اجمعين في هذه الليالي المباركه .

    ردحذف
  2. مشكورين على الطرح

    ردحذف